للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«اغْتَسِلْ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَاحْلِقْ عَنْكَ شَعَرَ الْكُفْرِ» (١). واعترض عليه بأنه لا يصح.

والراجح: ما ذهب إليه جمهور العلماء، أي: إن الكافر إذا أسلم يستحب له الغسل، وإذا جامع زوجته وأسلم قبل أن يغتسل وجب عليه الغسل، دل على استحباب غسل الكافر إذا أسلم ما ورد في الصحيحين أن النبي قَالَ: «أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ»، فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ المَسْجِدِ، فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ المَسْجِدَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ. ودل على عدم الوجوب عموم قوله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾، وعموم قول النبي : «الإسلام يجُبّ ما قبله»، وقول النبي لمعاذ: «ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله». ولم يذكر الغسل، ولو كان واجبًا لذِكْر لمعاذ، ولم يرد في حديث صحيح أن الكافر يجب عليه الغسل عند إسلامه، وما أكثرَ الصحابة الذين أسلموا على عهد رسول الله . ويجب الغسل على من جامع زوجته أو احتلم ولم يغتسل قبل إسلامه لأن الطهارة شرط لصحة الصلاة، والصلاة لا تصح من الجنب حتى يغتسل.

[المبحث الثاني: استحباب الغسل لمن أفاق من الإغماء]

قال النووي: وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُغْمَى عَلَيْهِ الْغُسْلُ إذَا أَفَاقَ اقْتِدَاءً بِرَسُولِ الله . قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمَا: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ.


(١) ضعيف: أخرجه الطبراني (الصغير) (٨٨٠) و الكبير (٢٢/ ٨٢) والحاكم (المستدرك) (٦٤٢٨) وغيرهما، وفي إسناده: منصور بن عمار، ليس بالقوي، قاله أبو حاتم الجرح والتعديل (٨/ ١٧٦)، وكذا سليم بن منصور ابنه فيه ضعف، ومعروف الخياط: ضعيف.
وله شواهد:
١) فعن ابن عمر أن النبي أمر رجلًا أسلم أن يغتسل، ذكره ابن دقيق العيد (الإمام) (٣/ ٣٩) قال: روي من حديث عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر. قلت: وهو متروك.
٢) وعن قتادة الرهاوي قال: أتيت رسول الله فقال لي: «يا قتادة اغتسل بماء وسدر، واحلق عنك شعر الكفر» أخرجه الطبراني (المعجم الكبير) (١٩/ ١٤)، وفي إسناده قتادة بن الفضل قال أبو حاتم: شيخ، والفضل بن قتادة، وهشام بن قتادة ذكرهما ابن حبان في الثقات ولم يوثقهما معتبر وقد ضعف الحديث الحافظ: (التلخيص الجبير) (٢/ ٦٨).
٣) وورد عن أبي البراء ولا يصح، وفي إسناده سالم البلخي، ضعيف الحديث.

<<  <   >  >>