للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال النووي: لنا خلاف معروف في وجوب غسل ما أصاب الكلب، فإن لم نوجبه فهو معفو عنه للحاجة والمشقة في غسله، بخلاف الإناء (١).

ثم إن الآية أنه يباح الأكل مما أمسكت الكلاب المعلمة، وليس في الآية ما يدل على طهارة الكلب، ثم إن الآية عامة، والأمر بغسل الإناء من ولوغ الكلب حديث خاص يدل على نجاسة لعاب الكلب، وهذا دليل خاص، والخاص يقدم على العام.

أما دليلهم من السنة: فعن ابن عمر قال: كَانَتِ الكِلَابُ تَبُولُ، وَتُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِي المَسْجِدِ، فِي زَمَانِ رَسُولِ اللهِ ، فَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ (٢).

واعترض عليه من وجهين:

الأول: نُقل الإجماع على نجاسة بول الكلب، فكيف يستدل به على طهارة الكلب؟!

الثاني: أن النجاسة قد تطهر بالاستحالة، فإن لم تغسل فقد تطهرها الشمس.

الراجح: أن الكلب نجس، والدليل أن النبي أمر بغسل الإناء الذي ولغ فيه الكلب، وليس مرة بل سبع مرات الأولى بالتراب، وإذا كان لعابه نجسًا فكذا سائر جسده.

[المبحث الثاني: نجاسة الخنزير]

قال النووي: نَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي كِتَابِ الْإِجْمَاعِ إجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ عَلَى نَجَاسَةِ الْخِنْزِيرِ، وَهُوَ أَوْلَى مَا يُحْتَجُّ بِهِ لَوْ ثَبَتَ الْإِجْمَاعُ، وَلَكِنَّ مَذهبَ مَالكٍ طهارةُ الخنْزيرِ مَادَامَ حَيًّا (٣).


(١) «المجموع» (٢/ ٥٨٥).
(٢) إسناده صحيح: أخرجه أبو داود (٣٨٢)، والبخاري معلقًا (١٧٤) وابن حبان (١٦٥٦) وغيرهم من طريق يونس عن الزهري عن حمزة عن ابن عمر به.
وأخرجه أحمد (٥٤٨٩) وغيرهم من طريق صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر به بدون لفظة: «تبول» وصالح بن أبي الأخضر: ضعيف.
وقد ذكر البيهقي «السنن الكبرى» (٢/ ٤٢٩) قال أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه أنا العباس بن الفضل ثنا أحمد بن شبيب به، وهذه اللفظة «تبول» ليست في شيئ من نسخ الصحيح لكن ذكر الأصيلي أنه من رواية إبراهيم بن معقل النسفي «تبول وتقبل وتدبر».
(٣) «المجموع» (٢/ ٥٨٦).

<<  <   >  >>