للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقوله: «طُهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ» يدل على النجاسة التي حلت بولوغ الكلب فيه، وإذا كان الماء الذي في الإناء يتنجس بلعاب الكلب فلعابه نجس، وإذا كان لعابه نجسًا فيقاس عليه عرقه وبوله وسائر جسده.

واستدلوا أيضًا بما روى مسلم عن ابن عباس، قال: أَخْبَرَتْنِي مَيْمُونَةُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ أَصْبَحَ يَوْمًا وَاجِمًا، فَقَالَتْ مَيْمُونَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَقَدِ اسْتَنْكَرْتُ هَيْئَتَكَ مُنْذُ الْيَوْمِ. قَالَ رَسُولُ اللهِ : «إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ وَعَدَنِي أَنْ يَلْقَانِي اللَّيْلَةَ فَلَمْ يَلْقَنِي، أَمَ وَاللهِ مَا أَخْلَفَنِي» قَالَ: فَظَلَّ رَسُولُ اللهِ يَوْمَهُ ذَلِكَ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ وَقَعَ فِي نَفْسِهِ جِرْوُ كَلْبٍ تَحْتَ فُسْطَاطٍ لَنَا، فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ مَاءً فَنَضَحَ مَكَانَهُ، فَلَمَّا أَمْسَى لَقِيَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ لَهُ: «قَدْ كُنْتَ وَعَدْتَنِي أَنْ تَلْقَانِي الْبَارِحَةَ» قَالَ: أَجَلْ، وَلَكِنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ. فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ يَوْمَئِذٍ فَأَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ.

وجه الدلالة: أن الرسول أخرج الكلب وأخذ بيده ماء فنضح مكانه، فهذا يدل على نجاسة الكلب.

القول الآخر: أن الكلب طاهر العين، وهو قول أبي حنيفة، والمالكية (١).

واستدلوا بعموم القرآن والسنة:

فأما دليلهم من القرآن: فعموم قوله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ﴾.

وجه الدلالة: أن الله أباح لنا الأكل مما أمسكت الكلاب، ولو كان المكان الذي أمسكت منه الكلاب نجسًا لأمر بالغسل مكانه.

واعترض عليه بأنه كيف يستدل على طهارة الكلب بأنيابه ولعابه الذي نص النبي على نجاسته، ثم إن من العلماء من قال بوجوب غسل ما أصاب الكلب لنجاسته.


(١) «فتح القدير» (١/ ٩٣، ١٠٢)، و «المدونة» (١/ ٥، ٦).

<<  <   >  >>