للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدَّم» قَالَتْ: هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: «فَتَلَجَّمِي … » (١) أي ألجمي خروج الدم بعصابة تمنع الدم، تشبيهًا بوضع اللجام في فم الدابة.

وروى مسلم من حديث جابر الطويل في حجة الوداع: وَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله علاه وسلم: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ: «اغْتَسِلِي، وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ وَأَحْرِمِي».

والراجح: ما ذهب إليه المالكية من أنه لا يجب الوضوء لكل صلاة وكذا لا يجب شد العصابة على الفرج لكل صلاة، لأن ذلك لم يصح عن النبي أنه أمر بذلك لكل صلاة والله أعلم.

المبحث الثامن: هل يعتبر الخروج الدائم للنجاسة كدم الاستحاضة حدثًا أم لا؟

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: أن الخروج الدائم للنجاسة كدم الاستحاضة يعتبر حدثًا ويجب الوضوء لكل صلاة، وبه قال الحنفية والشافعية والحنابلة (٢).

واستدلوا لذلك بما روى البخاري، جَاءَتْ فَاطِمَةُ ابْنَةُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : «لَا، إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ، ثُمَّ


(١) ضعيف: أخرجه أحمد (٦/ ٤٣٩) وأبو داود (٢٨٧) وابن ماجه (٦٢٢) وغيرهم، وفي إسناده: عبد الله بن محمد بن عقيل، فيه ضعف، قلت: ضَعَّف الحديث أبو حاتم (العلل) (١/ ٥١) والدارقطني كما في شرح ابن رجب (٢/ ٦٤)، وقال ابن منده: لا يصح بوجه من الوجوه؛ لأنهم أجمعوا على ترك حديث ابن عقيل كما في التلخيص واختلف النقل عن أحمد في هذا الحديث ونقل الترمذي في (السنن) (١/ ٢٢٦)، قال: سألت أحمدَ عن هذا الحديث، فقال: هو حديث حسن صحيح. قلت: وأكثر أهل العلم على ضعف هذا الحديث.
قال الخطابي) معالم السنن) (١/ ١٨٣): وقد ترك بعض العلماء القول بهذا الخبر لأن ابن عقيل راويه ليس بذلك.
(٢) حاشية ابن عابدين (١/ ٥٠٤)، المجموع (١/ ٥٤٣)، المغني (١/ ٤٢١).

<<  <   >  >>