للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثاني: ذهب الحنفية وبعض المالكية والمشهور عن الشافعية ورواية عن أحمد إلى أنه يُكره قضاء الحاجة في الطريق والظل النافع (١).

واستدلوا بأن هذه الأدلة تدل على الكراهة ولا تصل إلى التحريم.

واعترض عليه بأن ظاهر حديث «اتَّقُوا اللاَّعِنَيْنِ» يدل على التحريم لأن فاعل المكروه لا يُلعن (٢).

والراجح: أنه يحرم قضاء الحاجة في الطريق والظل النافع؛ لأنَّ النَّبِيَّ قَالَ: «اتَّقُوا اللاَّعِنَيْنِ»، قَالُوا: وَمَا اللاَّعِنَانِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ فِي ظِلِّهِمْ»، والطريق إذا لم تكن مطروقة والظل الذي لا ينتفع به لا بأس بالتبول فيهما، وكذا مجامع الناس لا تقضى فيها الحاجة.

قال ابن عابدين: ينبغي تقييده بما إذا لم يكن محلًّا للاجتماع على محرم.

[المطلب الثاني: يحرم البول في المسجد]

لما روى مسلم عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: «إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ وَلَا الْقَذَرِ، إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللهِ ﷿، وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ» (٣).

وفي الصحيحين عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: «الْبُزَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ، وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا» (٤) فإذا كان البصاق في المسجد خطيئة، فماذا يكون البول وغيره.


(١) البحر الرائق (١/ ٢٥٦)، ومواهب الجليل (١/ ٢٧٦)، وروضة الطالبين (١/ ٦٦)، والفروع (١/ ١١٦).
(٢) الخرشي (١/ ١٤٥).
(٣) مسلم (٢٨٥).
(٤) البخاري (٤١٥)، ومسلم (٥٥٢).

<<  <   >  >>