للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثالث: إذا رأى في منامه احتلامًا ولم يجد بللًا؟

قال ابن المنذر: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا رَأَى فِي نَوْمِهِ أَنَّهُ احْتَلَمَ أَوْ جَامَعَ وَلَمْ يَجِدْ بَلَلًا أَنَّهُ لَا غُسْلَ عَلَيْهِ (١) ونَقَل الإجماع ابن الهمام (٢).

قلت: ولكن هذا الإجماع منخرم، فقد وردت رواية عن أحمد بوجوب الغسل.

واستدلوا لذلك بأن العبرة بانتقال المني مع اللذة.

وهذا القول منتقض بأن العبرة بخروج المني كما أن العبرة بخروج الريح ليس بتحركه، وعموم حديث أم سليم قالت: هَلْ عَلَى المَرْأَةِ غُسْلٌ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ: «نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ المَاءَ».

[المطلب الرابع: خروج المني بغير شهوة]

اتفق العلماء على أن المني إذا خرج دفقًا بلذة وجب الغسل.

واختلفوا في خروج المني بغير شهوة لعلة أو مرض:

فذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يجب الغسل إلا إذا خرج دفقًا بشهوة (٣).

واستدلوا لذلك بعموم قوله تعالى: ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ﴾. فإذا خرج بدون دفق فلا يجب منه الغسل ولا يكون منه الولد.

واستدلوا بما روى أحمد عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ فَقَالَ: «إِذَا خَذَفْتَ فَاغْتَسِلْ مِنَ الْجَنَابَةِ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ خَاذِفًا فَلَا تَغْتَسِلْ» (٤).


(١) «الأوسط» (٢/ ٨٣).
(٢) «شرح فتح القدير» (١/ ٦٢).
(٣) «المبسوط» (١/ ٦٧)، «بدائع الصنائع» (١/ ٣٦)، «المغني» (١/ ١٢٨)، «المبدع» (١/ ١٧٧).
(٤) شاذ: أخرجه أحمد (١/ ١٠٧) من طريق الركين بن الربيع عن حصين بن قبيصة عن عليّ به.
وقد ورد من طرق كثيرة عن عليّ بدون ذكر هذه الزيادة: فرواه ابن عباس عند مسلم (٣٠٣)، ومحمد ابن الحنفية في البخاري (١٧٨)، ومسلم (٣٠٣)، وهانئ بن هانئ عند أحمد (١/ ١٠٨)، وأبو عبد الرحمن السلمي في البخاري (٢٩٦)، وعائش بن أنس عند أحمد (٦/ ٥)، وسليمان بن يسار عن المقداد في «الموطأ» (١/ ٤٠) كل هؤلاء وغيرهم رووه عن عليّ بدون ذكر هذه الرواية، فهذه الرواية شاذة.

<<  <   >  >>