للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الخامس: أكل ما مست النار إلا لحم الجزور]

ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يجب الوضوء مما مست النار (١).

واستدلوا لذلك بما ورد في الصحيحين عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ (٢). فدل ذلك على أن النبي أكل ما مست النار ثم صلى ولم يتوضأ.

وذهبت عائشة وطلحة وابن عمر إلى أنه يجب الوضوء مما مست النار (٣).

واستدلوا لذلك بما روى مسلم عن زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: «الْوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ» (٤).

واعترض على هذا الاستدلال من وجهين:

الأول: أن الوضوء مما مست النار مستحب ليس بواجب، وهو رواية عن أحمد وابن تيمية (٥).

الثاني: أن الوضوء مما مست النار منسوخ.

واستدلوا على النسخ بحديث جَابِرِ قَالَ: «كَانَ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ الله تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ» (٦).

قلت: وإن كان هذا ضعيفًا الحديث فإنه لا يجب الوضوء مما مست النار إلا في أكل لحم الإبل لما ورد في الصحيحين عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ


(١) التمهيد (٣/ ٣٣٢) والمفهم (١/ ٦٠٣).
(٢) البخاري (٢٠٧) ومسلم (٣٥٤).
(٣) الأوسط (٢/ ٢١٣) والتمهيد (٣/ ٣٣١).
(٤) مسلم (٣٥١).
(٥) مجموع الفتاوى (٢٠/ ٥٢٤)، شرح العمدة (١/ ٣٣٠).
(٦) ضعيف: أخرجه أبو داود (السنن) (١٩٢) ومحمد بن المنكدر لم يسمع هذا الحديث من جابر وإنما سمعه ابن عقيل وفيه ضعف، قاله الشافعي كما (المعرفة للبيهقي) (١/ ٣٩٥).

<<  <   >  >>