للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما من المأثور: فعَنْ عَطَاءٍ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَعَلَى مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا غُسْلٌ؟ قَالَ: «لَا، قَدْ إِذَنْ نَجَّسُوا صَاحِبَهُمْ، وَلَكِنْ وُضُوءٌ (١).

واعترض عليه من وجهين:

الأول: أنه اختلف على ابن عباس، والصحيح عنه بعدم ذكر الوضوء.

الثاني: أن الوضوء قد يكون على الاستحباب عنده.

عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «إِذَا غَسَّلْتَ الْمَيِّتَ فَأَصَابَكَ مِنْهُ أَذًى فَاغْتَسِلْ، وَإِلَّا إِنَّمَا يَكْفِيكَ الْوُضُوءُ» (٢). واعترض عليه بأنه لا يصح عنه.

وأما دليلهم من المعقول

فاستدلوا بأن العادة أن الغاسل قد تقع يده على فرج الميت فلذا يجب الوضوء.

واعترض بأن لا يجوز للغاسل مسح فرج الميت قاصدًا، وأنه لابد من مراعاة الضوابط الشرعية من عدم رؤية العورات وعدم مس الفرج بحسب الاستطاعة.

والراجح أنه لا يجب الوضوء على من غسل ميتًا، و الحديث الوارد في الباب لا يصح.


(١) أخرجه عبد الرزاق (٦١٠١)، ورواه البخاري معلقًا بصيغة الجزم ولم يذكر زيادة الوضوء. وأخرجه ابن أبي شيبة (٢/ ٤٦٩) من طريق سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس قال: لَا تُنَجِّسُوا مَوْتَاكُمْ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيْسَ بِنَجِسٍ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا. ولم يذكر هنا الوضوء. وروى البيهقي (٣/ ٣٩٨) من طريق أبي شيبة، ثنا خالد بن مخلد، عن سليمان بن بلال عن عمرو عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله: «لَيْسَ عَلَيْكُمْ فِي غَسْلِ مَيِّتِكُمْ غُسْلٌ إِذَا غَسَّلْتُمُوهُ، إنَّ مَيِّتَكُم يَمُوتُ طَاهِرًا، ولَيْسَ بِنَجَسٍ فَحَسْبُكُمْ أَنْ تَغْسِلُوا أَيْدِيَكُم» وفي إسناده أبو شيبة، ضعفه البيهقي.
وقد رد عليه الحافظ في التهذيب فقال: وهم البيهقي في ذلك، وكأنه ظنه جده إبراهيم بن عثمان، وقال في التلخيص: أبو شيبة هو إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة، احتج به النسائي ووثقه الناس … فالإسناد حسن.
(٢) ضعيف: أخرجه عبد الرزاق (٦١٠٧) وفي إسناده عبد الله بن عمر العمري، ضعيف.

<<  <   >  >>