للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذهب الحنابلة إلى أنه تجب التسمية قبل غسل المحيض (١).

واستدلوا بأنه لما كان التسمية واجبة في الطهارة الصغرى عندهم وجبت في الكبرى لأنها صغرى وزيادة.

وذهب بعض العلماء إلى أن التسمية لا تُشرع؛ لأنه لم ينقل في صفة غسل النبي ذِكْر التسمية، ولو كانت التسمية واجبة أو مستحبة لذُكرت، وما كان ربك نسيًّا.

[المبحث الرابع: حكم الوضوء في غسل الحيض والجنابة.]

ذهب جمهور العلماء إلى استحباب الوضوء في غسل الجنابة.

قال الحافظ: قَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ فِي غُسْلِ الْجَنَابَة غيرُ وَاجِب (٢).

وقال ابن عبد البر لِأَنَّ الله ﷿ إِنَّمَا فَرَضَ عَلَى الْجُنُبِ الْغُسْلَ دُونَ الْوُضُوءِ بِقَوْلِهِ ﷿: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾ وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ وَهَذَا إِجْمَاعٌ لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ إِلَّا أَنَّهُمْ مُجْمِعُونَ أيضًا عَلَى اسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ قَبْلَ الْغُسْلِ لِلْجُنُبِ تَأَسِّيًا بِرَسُولِ الله وَلِأَنَّهُ أَعُونُ عَلَى الْغُسْل (٣).

ودل على ذلك عموم قول النبي للذي أصابته الجنابة: «خذ هذا فَأَفْرِغْهُ عَلَيْك». ولو كان الوضوء واجبًا لبينه النبي ، فدل ذلك على أن الواجب تعميم البدن بالماء، وأن الوضوء سنة.

وقال النبي لأم سلمة في غسل الجنابة: «إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ الْمَاءَ فَتَطْهُرِينَ». ولو كان الوضوء واجبًا لبينه النبي : (وإنما) تفيد الحصر، فدل ذلك أن الواجب هو إفاضة الماء وتعميم الجسد.


(١) «الإنصاف» (١/ ٢٥٧)، «كشاف القناع» (١/ ١٥٤).
(٢) «فتح الباري» شرح حديث (٢٥٩).
(٣) «فتح البر بترتيب التمهيد» (٣/ ٤١٥)، وذهب الظاهرية إلى أن الوضوء واجب، واستدلوا بما ورد في صفة غسل النبي من ذكر الوضوء، واعترض عليه بأن هذا على الاستحباب.

<<  <   >  >>