للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَأْكُلِ الطَّعَامَ، إِلَى رَسُولِ اللهِ ، فَأَجْلَسَهُ رَسُولُ اللهِ فِي حَجْرِهِ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ، فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ (١).

واعترض عليه بما قاله القرطبي: والعجَبُ ممَّن يستدِلُّ برشِّ بولِ الصبيِّ أو بالأمرِ بِنَضْحِهِ على طهارتِهِ، وليس فيه ما يَدُلُّ على ذلك! وغايةُ دلالتِهِ على التخفيف في نوعِ طهارته؛ إذْ قد رُخِّصَ في نَضْحه ورشِّه، وعُفِيَ عن غَسْله تخفيفًا، وخُصَّ بهذا التخفيف الذَّكَرُ دون الأنثى؛ لملازمتهم حَمْلَ الذُّكْرَان؛ لفرطِ فَرَحهم بهم ومحبَّتهم لهم، والله أعلم (٢).

[المبحث الثالث: نجاسة المذي]

قال النووي: أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى نَجَاسَةِ الْمَذْيِ وَالْوَدْيِ (٣).

قال ابن عبد البر: وأما المذي المعهود المتعارف عليه، وهو الخارج عند ملاعبة الرجل أهله لما يجده من اللذة أو لطول عزبه، فعلى هذا المعنى خرج السؤال في حديث علي، وعليه وقع الجواب، وهو موضع إجماع لا خلاف بين المسلمين في إيجاب الوضوء منه، وإيجاب غسله لنجاسته (٤).

وفي الصحيحين واللفظ لمسلم عنْ عَلِيٍّ قَالَ: كُنْتُ رَجُلاً مَذَّاءً وَكُنْتُ أَسْتَحْيِي أَنْ أَسْأَلَ النَّبِيَّ لِمَكَانِ ابْنَتِهِ، فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: «يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ» (٥).

واختلف العلماء في معنى: «يَغْسِلُ ذَكَرَهُ»:

فذهب الحنفية، وبعض المالكية، والشافعية (٦) إلى أنه يجب غسل موضع الحشفة، وهذا


(١) البخاري (٣٢٣)، ومسلم (٢٨٧).
(٢) «المفهم» (٢/ ٦٤٤).
(٣) «المجموع» (٢/ ٥٧١).
(٤) «الاستذكار» (١/ ١٩٩).
(٥) البخاري (٢٦٩)، ومسلم (٣٠٣).
(٦) «شرح معاني الآثار» (١/ ٤٨)، و «فتح البر بترتيب التمهيد» (٣/ ٣٢٣)، و «المجموع» (٢/ ١٦٤).

<<  <   >  >>