للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والنهي على الاستحباب والكراهة، ومنها هذا النهي فحملوه على الكراهة.

المبحث الثالث: يُكره مس الذكر باليمين حال البول ولا يُكره مطلقًا (١):

لأن النصوص الصحيحة قيدت ذلك، ففى الصحيحين عن أبي قتادة: عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «إِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَأْخُذَنَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ» (٢) ولأن مس الذكر باليمين عرضة للتنجس، أما في غير هذه الحالة فإن هذا الموضع طاهر وقد تلحق بذلك بعض المشقة، وقد قال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ﴾ [البقرة: ١٨٥]. وإذا استنجى بيمينه فإن ذلك يجزئه لأن المقصود إزالة النجاسة مع الكراهة على قول الجمهور.

ومن قال التحريم فإنهم اختلفوا فمنهم من ذهب إلى أنه يجزي مع التحريم.

وذهب ابن حزم إلى أن النهي للبطلان. وهذا قول ضعيف لأن النجاسة زالت.

والراجح أن مس الذكر يكره حال البول ولا يكره مطلقًا، وإذا استنجى بيمينه فإن ذلك يجزئه مع الكراهة لأن المقصود إزالة النجاسة. والله أعلم.

المبحث الرابع: البول قائمًا:

اختلف أهل العلم في حكم البول قائمًا علي قولين:

القول الاول: ذهب الحنفية والشافعية ورواية عن أحمد إلى أنه يكره البول قائمًا من غير عذر (٣).

واستدلوا لذلك بالجمع بين الأدلة:

فروى أحمد عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ بَالَ قَائِمًا فَلَا تُصَدِّقْهُ، مَا بَالَ رَسُولُ اللهِ قَائِمًا مُنْذُ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ (٤).


(١) فتح الباري (شرح حديث ١٥٤).
(٢) البخاري (١٥٤) ومسلم (٢٦٧).
(٣) حاشية ابن عابدين (١/ ٣٤٤)، والمجموع (٢/ ١٠٠)، والإنصاف (١/ ٩٩).
(٤) إسناده صحيح: أخرجه أحمد (٦/ ١٩٢) وغيره من طريق سفيان عن المقدام عن أبيه قالت عائشة. به.

<<  <   >  >>