للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حَدَثٍ، فَوَجَبَ إمْرَارُ الْيَدِ فِيهَا، كَالتَّيَمُّمِ (١).

واعترض عليه بأن من صب الماء عليه بغير دلك يسمى مغتسلًا.

قال ابن حزم: مَنْ غَمَسَ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ فِي الْمَاءِ وَنَوَى بِهِ الْوُضُوءَ لِلصَّلَاةِ، أَوْ وَقَفَ تَحْتَ مِيزَابٍ حَتَّى عَمَّهَا الْمَاءُ وَنَوَى بِذَلِكَ الْوُضُوءَ لِلصَّلَاةِ، أَوْ صَبَّ الْمَاءَ عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ، أَوْ صَبَّ الْمَاءَ عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ غَيْرُهُ وَنَوَى هُوَ بِذَلِكَ الْوُضُوءَ لِلصَّلَاةِ أَجْزَأَهُ. بُرْهَانُ ذَلِكَ أَنَّ اسْمَ غُسْلٍ يَقَعُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ فِي اللُّغَةِ الَّتِي بِهَا نَزَلَ الْقُرْآنُ، وَمَنِ ادَّعَى أَنَّ اسْمَ الْغُسْلِ لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى التَّدَلُّكِ بِالْيَدِ فَقَد ادَّعَى مَا لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ (٢).

واستدلوا بعموم قول النبي لعائشة: «وادلكي بيدك» الأمر للوجوب واعترض عليه بأنه لا يصح عن رسول الله (٣).

واستدلوا بأنه إذا كان يشترط في التيمم المسح، أي التدليك، فكذا في الوضوء.

واعترض عليه بما قاله ابن قدامة: أما قياسه (أي الوضوء على التيمم) فبعيد؛ لأن التيمم أمرنا فيه بالمسح، والمسح لا يكون إلا باليد، ويتعذر في الغالب إمرار التراب إلا باليد (٤).

والراجح ما ذهب إليه جمهور العلماء أي أن دلك أعضاء الوضوء مستحب لعموم قوله للرجل الذي أصابته الجنابة: «اذْهَبْ فَأَفْرِغْهُ عَلَيْكَ». ولو أن رجلًا جنبًا انغمس في نهر أو بحر أن ذلك يجزئه، فدل ذلك على أن التدليك مستحب وليس بشرط. الله أعلم.

* * *


(١) «المغني» (١/ ٢٩٠).
(٢) «المحلى» (مسألة ١١٥).
(٣) «مواهب الجليل» (١/ ٢١٨).
(٤) «المغني» (١/ ٢٩٠).

<<  <   >  >>