للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذَلِكَ مِنَ الْفِضَّةِ (١).

وقال ابن قدامة: وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَصْحَابِنَا فِي أَنَّ اسْتِعْمَالَ آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ حَرَامٌ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا (٢) (٣).

قلت: ورد خلاف في المسألة: قال الشوكاني: وَأَمَّا حِكَايَةُ النَّوَوِيِّ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِ الِاسْتِعْمَالِ فَلَا تَتِمُّ مَعَ مُخَالَفَةِ دَاوُدَ وَالشَّافِعِيِّ وَبَعْضِ أَصْحَابِهِ (٤).

فالصحيح أن هذا قول الجمهور وليس في المسألة إجماع.

واستدلوا لذلك بأن الأكل والشرب في أواني الذهب والفضة محرم، وعلة التحريم هي السرف والخيلاء وكسر قلوب الفقراء، ويقاس عليه سائر الاستعمال؛ لأن العلة في تحريم الأكل والشرب موجودة في الاستعمال.

وذهب الصنعاني (٥) والشوكاني (٦) إلى أنه لا يحرم إلا الأكل والشرب؛ لأن الأحاديث نص في تحريم الأكل والشرب، دل ذلك على أن ما عداهما جائز، ولو كان الاستعمال حرامًا لبينه رسول الله وما كان ربك نسيًّا.


(١) «التمهيد» (١٦/ ١٠٥)، و «الاستذكار» (٢٦/ ٢٧٠).
(٢) «المغني» (١/ ١٠١).
(٣) وممن نقل الإجماع ابن مفلح كما في «المبدع» (١/ ٦٦).
(٤) «نيل الأوطار» (١/ ٦٧). قال النووي «المجموع» (١/ ٣٠٦) أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الِاسْتِعْمَالِ فِي إنَاءِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ إلَّا مَا حُكِيَ عَنْ دَاوُدَ وَإِلَّا قَوْلَ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ. وقال ابن مفلح «الفروع» (١/ ٩٧): إن التحريم هو قول الجمهور مما يدل على أنه لا إجماع في الباب. وقال الحافظ ابن حجر «فتح الباري» (١٠/ ١٠٠). فيما نقله عن القرطبي: في الْحَدِيثِ تَحْرِيمُ اسْتِعْمَالِ أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَيُلْحَقُ بِهِمَا مَا فِي مَعْنَاهُمَا مِثْلُ التَّطَيُّبِ وَالتَّكَحُّلِ وَسَائِرِ وُجُوهِ الِاسْتِعْمَالَاتِ، وَبِهَذَا قَالَ الْجُمْهُورُ، وَأَغْرَبَتْ طَائِفَةٌ شَذَّتْ فَأَبَاحَتْ ذَلِكَ مُطْلَقًا وَمِنْهُمْ مَنْ قَصَرَ التَّحْرِيمَ عَلَى الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ.
(٥) «سبل السلام» (١/ ٦٣).
(٦) «نيل الأوطار» (١/ ٦٧).

<<  <   >  >>