فالرسول يطلب من عائشة الثوب فقالت: إني حائض، أي كيف أعطيك الثوب بيدي وأنا حائض؟ فقال رسول الله ﷺ:«إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ» ثبت أن النجس في الفرج لكون الدم فيه، أما اليد فهي طاهرة فلا مانع أن تمس بها المصحف.
وبعث النبي ﷺ كتابًا فيه آية من كتاب الله: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ … ﴾ إلى قوله ﴿مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ٦٤]، وإذا جاز للمشرك أن يمس صحيفة بها آية من كتاب الله، فمسُّ المصحف للمسلم أَوْلى بالجواز لأن المؤمن لا ينجس.
أما من حرم على الحائض والجنب مس المصحف فاستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ٧٧ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ ٧٨ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ٧٩﴾ [الواقعة].
واعترض عليه بأن جمهور أهل التفسير على أن المراد بالكتاب اللوح المحفوظ، والمطهرون الملائكة، ويؤيد ذلك عموم قوله تعالى: ﴿فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ ١٣ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ ١٤ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ١٥ كِرَامٍ بَرَرَةٍ ١٦﴾، وأيضًا الإخبار بأنه في كتاب مكنون، أي مصون لا تناله أيدي الضالين، وهذا صفة اللوح المحفوظ.
واستدلوا بعموم قول النبي ﷺ:«لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ»، ولا يصح عن رسول الله ﷺ وله شواهد كلها ضعيفة. وإذا كان يجوز مس المصحف بعصًا أو بغيرها فمسه باليد أَوْلى لأن اليد طاهرة.