للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن المنذر: ذَكَرَ الْمَيْمُونِيُّ أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ: لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: أَيَصِحُّ عَنْ رَسُولِ اللهِ شَيْءٌ فِي أَقَلِّ الْحَيْضِ وَأَكْثَرِهِ؟ قَالَ: لَا. قُلْتُ: أَفَيَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ؟ قَالَ: لَا. قُلْتُ: فَحَدِيثُ أَنَسٍ؟ قَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. أَوْ قَالَ: لَيْسَ يَصِحُّ. قُلْتُ: فَأَعْلَى شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ؟ فَذَكَر حَدِيثَ مَعْقِلٍ عَنْ عَطَاءٍ: الْحَيْضُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ (١).

قال ابن رجب: هذه الأحاديث المرفوعة منها باطل لا يصح، وكذلك الموقوف وطرقه واهية، وقد طعن فيها غير واحد من الأئمة الحفاظ (٢).

القول الرابع: أن أكثر الحيض سبعة عشر يومًا.

قال ابن حزم: قد صح عن رسول الله أن دم الحيض أسود، فإذا رأته المرأة لم تصلِّ ووجب الانقياد لذاك، وصح أنها ما دامت تراه فهي حائض لها حكم الحيض ما لم يأت نص ولا إجماع في دم أسود ليس حيضًا، فقد صح النص بأنه يكون دمًا أسود وليس حيضًا، لم يوقت لنا في أكثر عدة الحيضة من شيء فوجب أن نراعي أكثر ما قيل، فلم نجد إلا سبعة عشر يومًا وقلنا فذلك وأوجبنا ترك الصلاة برؤية الدم الأسود هذه المدة لا مزيد فأقل وكان ما زاد على ذلك إجماعًا متيقنًا أنه ليس حيضًا (٣).

واعترض عليه بما قاله ابن تيمية: اسْمُ الْحَيْضِ عَلَّقَ اللهُ بِهِ أَحْكَامًا مُتَعَدِّدَةً فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلَمْ يُقَدَّرْ لَا أَقَلُّهُ وَلَا أَكْثَرُهُ وَلَا الطُّهْرُ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ مَعَ عُمُومِ بَلْوَى الْأُمَّةِ بِذَلِكَ وَاحْتِيَاجِهِمْ إلَيْهِ، وَاللُّغَةُ لَا تُفَرِّقُ بَيْنَ قَدْرٍ وَقَدْرٍ، فَمَنْ قَدَّرَ فِي ذَلِكَ حَدًّا فَقَدْ خَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ (٤).

وهذا هو القول الراجح، ومع ذلك إذا أطبق على المرأة الحيض واستمر شهرُا فهي مستحاضة؛ لأن الله جعل عدة المرأة ذات الأقراء في الطلاق ثلاثة قروء فقال


(١) الأوسط (٢/ ٢٩٩).
(٢) شرح البخاري (٢/ ١٥٠).
(٣) المحلى المسألة: (٢٦٧).
(٤) مجموع الفتاوى (١٩/ ٢٣٧).

<<  <   >  >>