للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعترض عليه بأن هذا باطل.

قال ابن قدامة: الحَيْضُ وَرَدَ فِي الشَّرْعِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ، وَلَا حَدَّ لَهُ فِي اللُّغَةِ وَلَا فِي الشَّرِيعَةِ، فَيَجِبُ الرُّجُوعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، وَقَدْ وُجِدَ حَيْضُ مُعْتَاد خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا (١).

وقال النووي: ثَبَتَ مُسْتَفِيضًا عَنِ السَّلَفِ مِنِ التَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ أَنَّ أَكْثَرَ الْحَيْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَأَنَّهُمْ وَجَدُوهُ كَذَلِكَ عِيَانًا، وَقَدْ جَمَعَ الْبَيْهَقِيُّ أَكْثَرَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ فِي الْخِلَافِيَّاتِ وَفِي السُّنَنِ الْكَبِيرِ، فَمِمَّنْ رَوَاهُ عَنْهُ عَطَاءٌ وَالْحَسَنُ وَعُبَيْدُ الله بْنُ عُمَرَ وَيَحْيَى ابْنُ سَعِيدٍ وَرَبِيعَةُ وَشَرِيكٌ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، (٢).

واعترض عليه بأنه لا حد في القرآن والسنة لأكثر الحيض.

وقد ورد عن بعض النساء أنها كانت تحيض سبعة عشر يومًا وإن كان هذا ليس بحد لأكثره، فمتى وجد الحيض مُنعت المرأة من الصلاة.

القول الثالث: ذهب الحنفية إلى أن أكثر الحيض عَشَرة أيام (٣).

واستدلوا بحديث عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، قَالَ: «لَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ مُسْتَحَاضَةً فِي يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ وَلَا ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ حَتَّى تَبْلُغَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ عَشَرَةَ أَيَّامٍ كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً» (٤).


(١) المغني (١/ ٣٨٩).
(٢) المجموع (٢/ ٤١١).
(٣) شرح فتح القدير (١/ ١٦١)، بدائع الصنائع (١/ ٤٠)، المبسوط (٣/ ١٤٧).
(٤) ضعيف: أخرجه الدارقطني (١/ ٢١٠) وفي إسناده أشعث بن سوار ضعيف، وتابع أشعث هشام بن حسان وهو ثقة لكن روايته عن الحسن فيها مقال، وللحديث شواهد: فعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله : «الْحَائِضُ تَنْظُرُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ عَشْرٍ، فَإِنْ رَأَتِ الطُّهْرَ فَهِيَ طَاهِرٌ، وَإِنْ جَاوَزَتِ الْعَشْرَةَ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي، فَإِنْ غَلَبَهَا الدَّمُ احْتَشَتْ، وَاسْتَثْفَرَتْ، وَتَوَضَّأَتْ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَتَنْتَظِرُ النُّفَسَاءُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَإِنْ رَأَتِ الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ فَهِيَ طَاهِرٌ، وَإِنْ جَاوَزَتِ الْأَرْبَعِينَ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي، فَإِنْ غَلَبَهَا الدَّمُ احْتَشَتْ، وَاسْتَثْفَرَتْ وَتَوَضَّأَتْ لِكُلِّ صَلَاةٍ». أخرجه الطبراني (الأوسط) كما في مجمع البحرين (٥٠٣) في إسناده: عمرو بن الحصين متروك.
وفي الباب حديث أنس وأبي أمامة، ومعاذ وأبي سعيد وعائشة وغيرهم، ولا يصح في الباب حديث.

<<  <   >  >>