للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْقَذَرُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ النَّجَاسَةُ، وَكَذَا الْأَمْرُ بِالِاجْتِنَابِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ النَّجَاسَةُ (١).

الرابع: عن ابن عباس: قوله: ﴿رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾ [المائدة: ٩٠] يقول: سخط (٢).

واستدلوا بما روى الطيالسي، عن أبي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ قَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنِّي بِأَرْضٍ أَهْلُهَا أَهْلُ الْكِتَابِ يَأْكُلُونَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَيَشْرَبُونَ الْخَمْرَ، فَكَيْفَ بِآنِيَتِهِمْ وَقُدُورِهِمْ؟ فَقَالَ: «دَعُوهَا مَا وَجَدْتُمْ مِنْهَا بُدًّا، فَإِذَا لَمْ تَجِدُوا مِنْهَا بُدًّا فَارْحَضُوهَا بِالْمَاءِ» - أَوْ قَالَ: «اغْسِلُوهَا، ثُمَّ اطْبُخُوا فِيهَا وَكُلُوا» - قَالَ: وَأَحْسَبُهُ قَالَ: «وَاشْرَبُوا» (٣).

وجه الدلالة: أن غسل الأواني بسبب أكل لحم الخنزير وشرب الخمر - دليل على نجاستهما.

واعترض عليه بأن لفظة: (يَأْكُلُونَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَيَشْرَبُونَ الْخَمْرَ) ضعيفة لعلتين:

الأولى: أن أبا قلابة لم يسمع من أبي ثعلبة.

الثانية: أن الحديث في الصحيحين بدون زيادة أكل لحم الخنزير وشرب الخمر.

واستدلوا بأنه إذا كان حرم بيع الخمر وعدم الانتفاع به، وقد أمر الرسول بإراقتها، فهذا دليل على النجاسة.

واعترض عليه: بأنه لا يشترط أن يكون كل حرام نجسًا، وقد قرن بين تحريم الخمر وتحريم بيع الأصنام، والأصنام ليست نجسة، ولكن الله إذا حرم شيئًا حرم ثمنه، وهناك بعض الأشياء يحرم بيعها ويجوز الانتفاع بها، كما في الحديث: أَرَأَيْتَ شُحُومَ المَيْتَةِ، فَإِنَّهُ يُطْلَى


(١) «المجموع» (٢/ ٥٨٢).
(٢) ضعيف: أخرجه الطبري «تفسيره» (٧/ ٣٢).
(٣) أخرجه الطيالسي (١٠١٤)، ولفظ الصحيحين: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ نَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ، وَأَرْضِ صَيْدٍ أَصِيدُ بِقَوْسِي وَأَصِيدُ بِكَلْبِي الْمُعَلَّمِ، أَوْ بِكَلْبِي الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ، فَأَخْبِرْنِي مَا الَّذِي يَحِلُّ لَنَا مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: «أَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنَّكُمْ بِأَرْضِ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ تَأْكُلُونَ فِي آنِيَتِهِمْ، فَإِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَ آنِيَتِهِمْ، فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا، ثُمَّ كُلُوا فِيهَا … ».

<<  <   >  >>