للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرَّاكِعِينَ ٤٣﴾ [ال عمران]، ومعلوم أن السجود بعد الركوع (١).

واعترض عليه: بأن الواو إذا كانت أحيانًا لا تقتضي ترتيبًا، فأحيانًا تقتضي ترتيبًا، والذي يحدد ذلك السياق، والنبي هو المبين لما أنزل عليه وتوضأ مرتبًا كما أمره الله، دل ذلك على وجوب الترتيب كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ فقال النبي : «أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ» فبدأ رسول الله بالصفا، والأمر للوجوب والنبي هو المبين، فقد بدأ الله بذكر الوجه فاليدين وكذا فعل النبي، فدل ذلك على وجوب الترتيب.

أما دليلهم من المأثور: فعن علي قال: مَا أُبَالِي إِذَا تَمَّمْتُ وُضُوئِي بِأَيِّ أَعْضَائِي بَدَأْتُ (٢).

واعترض عليه من وجهين:

الأول: أن هذا القول لا يصح عن علي.

الثاني: أنه لو صح فهو محمول على تقديم الشمال على اليمين وليس تقديم اليد على الوجه، وورد عن علي تقديم الشمال على اليمين كما ورد من طريق الحارث عنه وقد قال الإمام عبد الله بن أحمد: قَالَ أبي: وَالَّذِي رُوِيَ عَنْ عَليّ وَابْن مَسْعُود: (مَا أُبَالِي بِأَيّ أعضائي بدأت) قَالَ: إِنَّمَا يَعْنِي الْيُسْرَى قبل الْيُمْنَى، وَلَا بَأْس أَنْ يبْدَأ بيسار قبل يَمِين لِأَن مخرجها من الْكتاب وَاحِد، قَالَ تَعَالَى ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمرَافِق وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ [المائدة: ٦] فَلَا بأس أَنْ يبْدَأ باليسار قبل الْيَمين (٣).

واستدلوا بما ورد عن ابن مسعود: لَا بَأْسَ أَنْ تبْدأَ بِرِجْلَيْكَ قَبْلَ يَدَيْكَ فِي الْوُضُوءِ (٤).

واعترض عليه بأنه لا يصح عن ابن مسعود، والمحفوظ عن ابن مسعود هو جواز تقديم اليد اليمنى على اليد اليسرى.


(١) انظر «التمهيد» (٢/ ١٨) بتصرف.
(٢) إسناده ضعيف: أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ٤٣).
(٣) «مسائل عبد الله» (١/ ٩٩، ١٠٠).
(٤) إسناده ضعيف: أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ٤٣)، وهو منقطع فمجاهد لم يسمع من ابن مسعود.

<<  <   >  >>