للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظُفُرٍ عَلَى قَدَمِهِ، فَأَبْصَرَهُ النَّبِيُّ فَقَالَ: «ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ» فَرَجَعَ، ثُمَّ صَلَّى» (١).

قال القاضي عياض: في هذا الحديث دليل على وجوب الموالاة في الوضوء؛ لقوله: «أحسِن وضوءك» ولم يقل: اغسل ذلك الموضع الذي تركته.

وروى أحمد عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ أَنَّ رَسُولَ الله رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي، وَفِي ظَهْرِ قَدَمِهِ لُمْعَةٌ قَدْرُ الدِّرْهَمِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ (٢).

واستدلوا بالأحاديث الصحيحة المستفيضة عن جماعات من الصحابة في صفة وضوء النبي، وكلهم وصفوه متواليًا مع كثرتهم، ولو جاز ترك التوالي لبينه النبي .

قال ابن القيم: وَكَذَلِكَ كَانَ وُضُوءُهُ مُرَتَّبًا مُتَوَالِيًا لَمْ يُخِلَّ بِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً (٣).

القول الثاني: ذهب الحنفية وقول الشافعي في الجديد والظاهرية إلى استحباب الموالاة (٤). واستدلوا بأن الله أمر بغسل هذه الأعضاء فكيفما غسل هذه الأعضاء فقد امتثل الأمر.


(١) «مسلم» (٢٤٣) من طريق معقل عن أبي الزبير عن جابر، وقد أعل الإمام أحمد هذا الحديث لأن معقل بن عبيد الجزري ضعيف في أبي الزبير، فقال ابن رجب في (علل الترمذي) (٣٤٤): معقل بن عبيد الله الجزري ثقة، كان أحمد يضعف حديثه عن أبي الزبير خاصة ويقول: يشبه حديثه حديث ابن لهيعة، ومن أراد حقيقة الوقوف على ذلك فلينظر إلى أحاديثه عن أبي الزبير، فإنه يجدها عند ابن لهيعة يرويها عن أبي الزبير كما يرويها معقل سواء. ومما أنكر على (معقل) بهذا الإسناد حديث "الذي توضأ وترك لمعة لم يصبها الماء".
قلت: ومما يؤيد قول أحمد متابعة ابن لهيعة لمعقل، كما عند ابن ماجة (٦٦٦)، وأحمد (١/ ٢١، ٢٢) وابن لهيعة ضعيف، ومعقل يسقط ابن لهيعة من السند كما قال أحمد، فالحديث ضعيف، والله أعلم.
(٢) ضعيف: أخرجه أحمد (٣/ ٤٢٤)، وأبوداود (١٧٥) وغيرهما، وفي إسناده بقية بن الوليد، وهو مدلس تدليس التسوية، ولم يصرح بالتحديث إلى نهاية السند، وله شاهد أخرجه الدارقطني (١/ ١٠٩) وغيره عن ابن عمر عن أبي بكر وعمر عن النبي ، به.
(٣) «زاد المعاد» (١/ ١٩٤).
(٤) «البحر الرائق» (١/ ٢٧)، و «المجموع» (١/ ٤٧٨)، و «المحلى» (١/ ٣١٢).

<<  <   >  >>