للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الأول: يُكره الانتفاع بالجلالة، قاله الحنفية، وقول للشافعية، وقول للحنابلة (١).

القول الثاني: يحرم الانتفاع بالجلالة، وهو قول عند الشافعية، والمشهور عند الحنابلة (٢).

واستدل القائلون بالتحريم والكراهة بعموم الأدلة الناهية عن الانتفاع بالجلالة، ومنها: ما ورد عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ الله عَنِ الْجَلاَّلَةِ فِى الإِبِلِ أَنْ يُرْكَبَ عَلَيْهَا أَوْ يُشْرَبَ مِنْ أَلْبَانِهَا (٣).

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ عَنْ لَبَنِ شَاةِ الْجَلالَةِ (٤)، وَعَنِ الْمُجَثَّمَةِ، وَعَنِ الشُّرْبِ مِنْ فِي السِّقَاءِ.

القول الثالث: ذهب المالكية إلى أنه لا بأس بالانتفاع بالجلالة (٥).

والراجح: هو كراهة الشرب من لبن الجلالة، وأكل لحمها وركوب ظهرها، وإذا حُبست بعيدة عن النجاسة، وعُلفت طاهرًا حتى ذهب ريحها النتن، وطاب لحمها الرديء، وذهب اسم الجلالة عنها، حلت، وعلة النهي قد زالت، والله أعلم (٦).


(١) «حاشية ابن عابدين» (١/ ٢٢٣)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٣٠٤)، و «الإنصاف» (١٠/ ٣٥٦).
(٢) «المجموع» (٩/ ٣٠)، و «المغني» (٩/ ٣٢٩)، و «الإنصاف» (١٠/ ٣٥٦).
(٣) معل: أخرجه أبو داود «السنن» (٣٧٨٧) من طريق عمرو بن أبي قيس، عن أيوب السختياني، عن نافع، عن ابن عمر به. وتابع عمرو بن أبي قيس عبد الوارث، عن أيوب به، عند البيهقي (٥/ ٢٥٤)، بلفظ: (نهى عن ركوب الجلالة). وأخرجه الترمذي (١٨٢٤) من طريق ابن إسحاق، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عمر به. وخالف ابن إسحاق الثوري، فرواه عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مرسلًا بدون ذكر ابن عمر. أخرجه عبد الرزاق (٨٧١٨).
ورجح البخاري الرواية المرسلة، كما في «العلل» للترمذي (ص: ٣٠٤).
(٤) إسناده صحيح: أخرجه أحمد (١/ ٢٢٦)، وأبو داود (٣٧٨٦)، والترمذي (١٨٢٥)، والنسائي (٤٤٨) وغيرهم من طرق عن هشام الدستوائي، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس به، أما رواية قتادة عن يحيى بن أبي كثير فقد ضعفها عدد من أهل العلم.
(٥) «المدونة» (١/ ٥٤٢).
(٦) قال الكاساني «بدائع الصنائع» (٥/ ٤٠): وَالْأَفْضَلُ أَنْ تُحْبَسَ الدَّجَاجُ حَتَّى يَذْهَبَ مَا فِي بَطْنِهَا مِنْ النَّجَاسَةِ. وقد روى ابن أبي شيبة (٥/ ١٤٨) بإسناد صحيح، عن ابن عمر أنه كَانَ يَحْبِسُ الدَّجَاجَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ يَأْكُلُهُ.

<<  <   >  >>