للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلوا بما روى البخاري عن ابْنِ عُمَرَ ﴿أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الجُمُعَةَ، فَلْيَغْتَسِلْ».

وفي البخاري من حديث ابن عمر أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ بَيْنَمَا هُوَ قَائِمٌ فِي الخُطْبَةِ يَوْمَ الجُمُعَةِ، إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ، فَنَادَاهُ عُمَرُ: أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ؟ قَالَ: إِنِّي شُغِلْتُ، فَلَمْ أَنْقَلِبْ إِلَى أَهْلِي حَتَّى سَمِعْتُ التَّأْذِينَ، فَلَمْ أَزِدْ أَنْ تَوَضَّأْتُ. فَقَالَ: وَالوُضُوءُ أيضًا؟: وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ. فأنكر عمر تركه الغسل عن صلاة الجمعة، ولو كان جائزًا إلى غروب الشمس لما أنكر عليه.

القول الثاني: أن وقت غسل الجمعة من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وهو قول ابن حزم وبعض الحنفية (١).

واستدلوا بما ورد في الصحيحين عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «الغُسْلُ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ». وعموم قول النبي : «لَوْ أَنَّكُمْ تَطَهَّرْتُمْ لِيَوْمِكُمْ هَذَا». واليوم يكون من الفجر إلى غروب الشمس.

واعترض عليه بأن هذه الأحاديث مطلقة وتقيد بصلاة الجمعة، وبالأحاديث الأخر ولأن فيها اجتماع الناس، ويوضح أن المقصود بالجمعة هي صلاة الجمعة ما ورد في الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ، ثُمَّ رَاحَ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً» (٢). فهنا قوله: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ» فأطلق يَوْمَ الجُمُعَةِ، «غُسْلَ الجَنَابَةِ، ثُمَّ رَاحَ» أي ثم ذهب لصلاة الجمعة، دل ذلك على أن المراد بيوم الجمعة هو صلاة الجمعة.

القول الثالث: أن غسل الجمعة يكون بمنزلة الوضوء لصلاة الجمعة، فلو اغتسل لصلاة الجمعة ثم أحدث وجب عليه الغسل حتى يصلي به الجمعة. وبه قال أبو يوسف من الحنفية (٣)

قلت: وهذا القول من أضعف الأقوال، والله يقول: ﴿ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ


(١) المحلى (٢/ ١٩) حاشية ابن عابدين (١/ ١٦٩).
(٢) البخاري (٨٨١) ومسلم (٨٥٠).
(٣) تبيين الحقائق (١/ ١٨) شرح فتح القدير (١/ ٦٧).

<<  <   >  >>