للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

روي مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ، فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ، وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا» (١).

وجه الدلالة ما قاله القرطبي: ذِكْر الوضوء وما معه مرتبًا عليه الثواب المقتضي للصحة، فدل على أن الوضوء كاف. قلت: ولوكان الغسل واجبًا لذُكْر في الحديث.

واعترض عليه بما قاله الحافظ: ليس فيه نفي الغسل، وقد ورد من وجه آخر في الصحيحين بلفظ: من اغتسل (٢).

القول الثاني: أن غسل الجمعة واجب، وهو رواية عن أحمد وقول الظاهرية (٣).

واستدلوا بما روى البخاري عن ابْنِ عُمَرَ، ﴿؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الجُمُعَةَ، فَلْيَغْتَسِلْ» (٤).

وعن أبي هريرة عن النبي قال: «حَقٌّ لله عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَغْتَسِلَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا، يَغْسِلُ فِيهِ رَأْسَهُ وَجَسَدَهُ» (٥).

وفي الصحيحين عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: «غُسْلُ يَوْمِ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» (٦).

قال الشافعي: فكان قولُ رسول الله في: «غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ»، وأمْرُه بالغسل، يحتمل معنيين: الظاهرُ منهما أنه واجب، فلا تجزئ الطهارَةُ لِصَلاة الجُمْعَةِ إلاَّ بالغسل، كما لا يجزئ في طهارة الجُنُبِ غيْرُ الغسل، ويحتمل أنه واجبٌ في الاختيار والأخْلاق والنَّظافة.


(١) مسلم (١١/ ١٦٠).
(٢) فتح الباري شرح حديث (٨٧٩).
(٣) الإنصاف (١/ ٢٤٧)، المحلى (٢/ ٨).
(٤) البخاري (٨٧٧/ ٨٩٤/ ٩١٩).
(٥) البخاري (٨٩٨) ومسلم (٨٤٩) واللفظ له.
(٦) البخاري (٨٧٩) ومسلم (٨٤٦).

<<  <   >  >>