للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال النووي: مُعظم هذه الخَصَالِ ليست بِواجبة عند العلماء، وفي بعضها خلاف في وجوبها كالختان، والمضمضة والاستنشاق، ولا يمتنع قرن الواجب بغيره، كما قال تعالى: ﴿كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: ١٤١] والإيتاء واجب والأكل مباح.

وذهب ابن العربي، والشوكاني، إلى وجوب خصال الفطرة ومنها وجوب الاستحداد (١). واستدلوا لذلك بما روي عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «مَنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَارِبِهِ، فَلَيْسَ مِنَّا» (٢)، فهذا يدل على أن ترك الشارب محرم، وأن أخذ الشارب واجبًا، وإذا كان الأخذ من الشارب واجب فكذا حلق العانة واجب، وأن الإنسان لو ترك أظفاره وشاربه وغير ذلك لم تبق له صورة الآدميين، قال تعالي: عن أصحاب الكهف الذين مكثوا أكثر من ثلاثة قرون: ﴿لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا﴾ [الكهف: ١٨].

قال ابن العربي: والذي عندي أن الخصال الخمس المذكورة في هذا الحديث كلها واجبة، فإن المرء لو تركها لم تبق صورته على صورة الآدميين فكيف من جملة المسلمين؟! (٣).

وعلى هذا القول فلكل من الزوجين أن يجبر الآخر على الاستحداد، وتقليم الأظفار ونتف الإبط، وعموم التنظيف له، فالزوج لا بد أن يتنظف لزوجته لعموم قوله تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: ١٩] والزوجة لا بد أن تتنظف وتتجمل لزوجها لعموم قوله تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: ٢٢٨].

قال ابن قدامة: وَلَهُ إجْبَارُهَا عَلَى إزَالَةِ شَعْرِ الْعَانَةِ إذَا خَرَجَ عَنْ الْعَادَةِ (٤).


(١) شرح النووي على مسلم (٣/ ١٤٨).
(٢) إسناده صحيح: أخرجه أحمد (٤/ ٣٦٦، ٣٦٨)، والنسائي «الكبري» (١٣، ١٤)، والترمذي (٢٧٦١) وغيرهم من طرق عن يوسف بن صهيب، عن حبيب بن يسار، عن زيد بن أرقم به.
(٣) العدة شرح العمدة (١/ ٣٥١).
(٤) المغني (٧/ ٢٢٥).

<<  <   >  >>