للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فمن أراد عزًّا وفلاحًا، ونشد خيرًا وصلاحًا، وطلب توفيقًا ونجاحًا فعليه بتقوى الله.

في تقوى الله الخروج من المضائق، والسلامة من العوائق، والنجاة من المآزق، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ٢ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق].

التقوى هي السبيل إلى الجنان، والطريق لرضا الرحمن، قال تعالى: ﴿تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا ٦٣﴾ [مريم].

وهي وصية الله للأولين والآخرين كما قال رب العالمين: ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾ [النساء: ١٣١].

أما بعد: فإنَّ أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمّدٍ ، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة.

وبعد: فالصلاة من أعظم أركان الإسلام، وهي التي تصل العبد بربه المنَّان، أمر الله بها موسى الكليم، فقال: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ١٤﴾ [طه: ١٤]، وأُمِرَ بها سيد الأنبياء وخاتم المرسلين فقال له ربه الكريم: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾ [الإسراء: ٧٨]، وقد دعا إبراهيم الخليل فقال: ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾ [إبراهيم: ٤٠]، وقد أثنى الله على إسماعيل؛ لأنه ﴿كَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ﴾ [مريم: ٥٥].

فالصلاة تفرج الكربات، وترفع بها الدرجات، وتمحى بها الخطايا والسيئات، فكم ينال الخاشع في صلاته من البركات وعظيم الخيرات، ولمَّا كانت الطهارة شرطًا لصحة هذا الركن العظيم، فقد دعا الإسلام إلى طهارة القلب من الشرك بالتوحيد والإيمان، وإلى طهارة الجوارح من الأوساخ والأدران، فالطهارة شطر الإيمان، وتكفر عن العبد الخطايا والآثام، وتَحُلّ عُقَد الشيطان، وإسباغها مع النطق بالشهادتين عند ختامها تُدخل العبد الجنان، صحَّ ذلك كله عن النبي العدنان، فروى مسلم عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْسَةَ، أن النبي قال: «مَا مِنْكُمْ رَجُلٌ يُقَرِّبُ وَضُوءَهُ فَيَتَمَضْمَضُ، وَيَسْتَنْشِقُ فَيَنْتَثِرُ إِلاَّ خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ، وَفِيهِ وَخَيَاشِيمِهِ، ثُمَّ إِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ كَمَا أَمَرَهُ الله، إِلاَّ خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ مِنْ أَطْرَافِ لِحْيَتِهِ مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، إِلاَّ خَرَّتْ خَطَايَا يَدَيْهِ مِنْ أَنَامِلِهِ مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَمْسَحُ رَأْسَهُ، إِلاَّ خَرَّتْ خَطَايَا

<<  <   >  >>