للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

روى ابن ماجه من حديث سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، أَنَّ رَسُولَ الله «تَوَضَّأَ، فَقَلَبَ جُبَّةَ صُوفٍ كَانَتْ عَلَيْهِ، فَمَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ» (١).

واعترض على هذه الأحاديث بما قاله الترمذي: ولا يصح عن النبي في هذا الباب شيء.

وذهب الحنابلة في قول إلى كراهة التمسح بالمنديل ونحوه في الوضوء والغسل (٢).

واستدلوا بما روى البخاري من حديث مَيْمُونَةَ قَالَتْ: «وَضَعَ رَسُولُ الله وَضُوءًا لِجَنَابَةٍ» وفيه: «ثُمَّ غَسَلَ جَسَدَهُ، ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ» قَالَتْ: «فَأَتَيْتُهُ بِخِرْقَةٍ فَلَمْ يُرِدْهَا، فَجَعَلَ يَنْفُضُ بِيَدِهِ» (٣). وفي رواية: «ثُمَّ أُتِيَ بِمِنْدِيلٍ فَلَمْ يَنْفُضْ بِهَا» (٤). وفي مسلم: «ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِالْمِنْدِيلِ فَرَدَّهُ» (٥). وجه الدلالة: رَدُّ النبي للمنديل دليل على الكراهة.

واعترض عليه من وجهين: الأول: ما قاله ابن رجب: واستدل بعضهم برد النبي الثوب على ميمونة على كراهة التنشيف، ولا دلالة فيهِ على الكراهة، بل على أن التنشيف ليس مستحبًّا، ولا أن فعله هو أولى، لا دلالة للحديث على أكثر من ذلك، كذا قاله الإمام أحمد وغيره من العلماء. والثاني: ما قاله ابن دقيق العيد: بأن نفضه الماء بيديه يدل على أن لا كراهة للتنشيف؛ لأن كلا منهما إزالة.

والراجح ما ذهب إليه جمهور العلماء أنه لا بأس بالتمسح بالمنديل ونحوه بعد الوضوء والغسل.


(١) ضعيف: أخرجه ابن ماجه (٤٦٨)، وله علتان:
الأولى: في إسناده الوضين بن عطاء، فيه مقال.
الثانية: الانقطاع، فمحفوظ بن علقمة لم يسمع من سلمان الفارسي.
(٢) «الإنصاف» (١/ ١٦٦).
(٣) «البخاري» (٢٧٤).
(٤) «البخاري» (٢٥٩).
(٥) «مسلم» (٣١٧).

<<  <   >  >>