للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: أن الآية لها تأويلات، منها ما ذكره الشافعي قال: سمعت مَنْ أرضى علمه بالقرآن يزعم أنها نزلت في القائمين من النوم (١).

قلت: والآية تدل على وجوب الوضوء لمن قام إلى الصلاة من غير طهر، أو تجديد الوضوء إذا كان متوضئًا.

واستدلوا بأن النوم ليس بحدث وأن الحدث ما خرج من القبل والدبر، ودل على ذلك عموم قول النبى : «لَا وُضُوءَ إِلَّا مِنْ صَوْتٍ أَوْ رِيحٍ». ففي الحديث أن الوضوء مما خرج من القبل والدبر، والنوم ليس منها فليس بناقض.

واعترض عليه بأن هذا الحديث لا يصح عن رسول الله .

واستدلوا بما روى مسلم عن أَنَسٍ قال: «كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ يَنَامُونَ ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ» (٢).


(١) «الأم» (١/ ١٢).
(٢) «مسلم» (٣٧٦) مدار الحديث على قتادة عن أنس مرفوعًا، ويرويه عن قتادة جماعة.
فرواه شعبة عن قتادة، ويرويه عن شعبة جماعة، منهم خالد بن الحارث عند مسلم (٣٧٦)، وأبو عامر العقدي عند أبي عوانة (١/ ٢٦٦)، وشبابة عند أبي يعلى (٣٢٤٠)، وهاشم بن القاسم عند الطحاوي في (مشكل الآثار) (٣٤٤٨) أربعتهم عن شعبة عن قتادة عن أنس به. بهذا اللفظ.
ورواه يحيى بن سعيد عن شعبة، واختلف على يحيى؛ فرواه أحمد (٣/ ٢٧٧) بهذا اللفظ أيضًا.
ورواه محمد بن بشار عن يحيى، فزاد فيه زيادات شاذة.
ورواه عن ابن بشار تمتام، فزاد فيه «على عهد رسول الله» وهي شاذة؛ لأن الثقات لم يذكروها.
ورواه محمد بن عبد السلام الخشني عن ابن بشار به بلفظ «كان أصحاب رسول الله ينتظرون، فيضعون جنوبهم، فمنهم من ينام، ثم يقومون إلى الصلاة» أخرجه ابن حزم (المحلى) (١/ ٢١٣) وهذا شاذ من رواية شعبة والصحيح من رواية أحمد عن ابن بشار لإمامته ولموافقته للثقات.
وقد أورد الحافظ «في التلخيص الحبير» (١/ ٢١) أن الحديث رواه البزار في (مسنده) من طريق عبد الأعلى، عن شعبة به، بلفظ «كان أصحاب رسول الله ينتظرون الصلاة فيضعون جنوبهم فمنهم من ينام، ثم يقومون إلى الصلاة».
قلت: وهذا المتن شاذ لمخالفة عبد الأعلى للثقات، مثل: خالد بن الحارث، وأبي عامر العقدي، وشبابة وغيرهم.
ويرويه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة واختلف على سعيد:
فرواه خالد بن الحارث عن سعيد عن قتادة عن أنس أو عن أناس من أصحاب النبي أنهم كانوا يضعون جنوبهم، فينامون منهم من يتوضأ، ومنهم من لا يتوضأ» كما عند أبي يعلى في (المسند) (٣١٩٩) ورواه أبو نعيم في (المستخرج) (٨٢٩) عن بندار عن ابن أبي عدي عن سعيد عن قتادة بلفظ: كان أصحاب رسول الله ينامون، ثم يقومون فيصلون ولا يتوضؤن. وهذا اللفظ موافق لرواية الجماعة فهو أرجح من لفظ خالد بن الحارث، وإن كان رواه البزار (٢٨٢) عن ابن المثنى عن ابن أبي عدي بلفظ خالد بن الحارث.
ويرويه هشام عن قتادة. فرواه من هذا الوجه ابن أبي شيبة (١/ ١٢٣)، وأبو داود (٢٠٠) وغيرهم به، بلفظ «كان أصحاب رسول الله يخفقون برؤوسهم، ينتظرون صلاة العشاء ثم يقومون فيصلون ولا يتوضؤون»
فزاد هشام «يخفقون برؤوسهم». ويرويه أبوهلال الراسبي عن قتادة. بلفظ: «كنا نأتي مسجد النبي ننتظر الصلاة، فمنا من ينعس وينام، ثم يصلي ولا يتوضأ» أخرجه الطحاوي (مشكل الآثار) (٣٤٤٤)، والدارقطني في (السنن) (١/ ١٣٠) وفي إسناده: أبو هلال الراسبي: لين الحديث.
ويرويه معمر عن قتادة عن أنس، قال: لقد رأيت أصحاب رسول الله يوقظون للصلاة، وإني لأسمع لبعضهم غطيطًا. أخرجه عبد الرزاق (٤٨٣) ومعمر ضعيف في قتادة.
قال ابن معين: قال معمر: جلست إلى قتادة وأنا صغير، لم أحفظ عنه الأسانيد.

<<  <   >  >>