للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي التاج: لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الْمَسْحُ عَلَى الْخِرَقِ إذَا لَفَّ بِهَا رِجْلَيْهِ (١).

عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ الله سَرِيَّةً فَأَصَابَهُمُ الْبَرْدُ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ شَكَوْا إِلَيْهِ مَا أَصَابَهُمْ مِنَ الْبَرْدِ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى الْعَصَائِبِ وَالتَّسَاخِينِ (٢)» (٣).

قال ابن تيمية: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَمْسَحُ عَلَى اللَّفَائِفِ وَهِيَ بِالْمَسْحِ أَوْلى مِنْ الْخُفِّ وَالْجَوْرَبِ؛ فَإِنَّ تِلْكَ اللَّفَائِفَ إنَّمَا تُسْتَعْمَلُ لِلْحَاجَةِ فِي الْعَادَةِ وَفِي نَوْعِهَا ضَرَرٌ: إمَّا إصَابَةُ الْبَرْدِ وَإِمَّا التَّأَذِّي بِالْحِفَاءِ وَإِمَّا التَّأَذِّي بِالْجُرْحِ، فَإِذَا جَازَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْجَوْرَبَيْنِ فَعَلَى اللَّفَائِفِ بِطَرِيقِ الْأَوْلى، وَمَنْ ادَّعَى فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إجْمَاعًا فَلَيْسَ مَعَهُ إلَّا عَدَمُ الْعِلْمِ، وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَنْقُلَ الْمَنْعَ عَنْ عَشَرَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْمَشْهُورِينَ فَضْلًا عَنْ الْإِجْمَاعِ، وَالنِّزَاعُ فِي ذَلِكَ مَعْرُوفٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ (٤).

* * *


(١) «التاج والإكليل» (١/ ٤٦٧).
(٢) العصائب: هي ما يعصب به الرأس وهي العمائم.
والتساخين: كل ما يسخن به الرجل من الخف والجورب والخرق وغيرها.
(٣) ضعيف: أخرجه أحمد (٥/ ٢٧٧)، وأبوداود (١٤٦)، من طريق يحيى بن سعيد عن ثور عن راشد ابن سعد عن ثوبان به. وعلته أن هناك خلافًا فى سماع راشد بن سعد من ثوبان: فنفى السماع أحمد كما فى العلل (١/ ١٠٤) وابن أبى حاتم كما فى المراسيل (ص: ٥٩)، وقال البخاري: راشد سمع من ثوبان كما فى التاريخ الكبير.
قلت: إن كان البخاري أثبت السماع فقد ضَعَّف الحديث كما فى الدراية (١/ ٧٢) قال: عَنْ ثَوْبَان قَالَ بعث رَسُول اللهَ سَرِيَّة فَأَصَابَهُمُ الْبرد فَأَمرهمْ أَنْ يمسحوا عَلَى العصائب والتساخين. أخرجه أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم، وَإِسْنَاده مُنْقَطع وَضَعَّفه البييهقي وَقَالَ البُخَارِيّ: حَدِيث لَا يَصح.
(٤) «مجموع الفتاوى» (٢١/ ١٨٥)، وانظر «الفتاوى الكبرى» (١/ ٣١٩).

<<  <   >  >>