للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلوا بما ورد في الصحيحين من حديث أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: تُوُفِّيَتْ إِحْدَى بَنَاتِ النَّبِيِّ ، فَأَتَانَا النَّبِيُّ فَقَالَ: «اغْسِلْنَهَا بِالسِّدْرِ وِتْرًا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا - أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ - فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي» (١).

وفي الصحيحين من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿، قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ، إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَوَقَصَتْهُ - أَوْ قَالَ: فَأَوْقَصَتْهُ - قَالَ النَّبِيُّ : «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلَا تُحَنِّطُوهُ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا» (٢).

قال الكاساني: لقد غُسل أشرف الخلق على الله ، وأمر رسول الله بتغسيل ابنته، وغُسل أبو بكر بعده، والناس يتوارثونه خلفًا عن سلف، ولم ينقل أحد من المسلمين أنه مات فدُفن من غير غسل إلا الشهداء (٣).

وقد نقل الإجماع على وجوب غسل الميت غير واحد من أهل العلم:

قال ابن الهمام: وغُسْلُ الْمَيِّتِ فَرْضٌ بِالْإِجْمَاعِ (٤).

وقال النووي: وَغُسْلُ الْمَيِّتِ فَرْضُ كِفَايَةٍ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ (٥).

وقد أنكر الحافظ ابن حجر دعوى الإجماع على النووي فقال: وَقَدْ نَقَلَ النَّوَوِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَهُوَ ذُهُولٌ شَدِيدٌ فَإِنَّ الْخِلَافَ مَشْهُورٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ حَتَّى إِنَّ الْقُرْطُبِيَّ رَجَّحَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ سُنَّةٌ (٦).

واستدلوا بقوله في حديث أم عطية: «اغْسِلْنَهَا بِالسِّدْرِ وِتْرًا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ». قوله : «إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ» استدلوا به على سنية الغسل.


(١) «البخاري» (١٢٦٣)، و «مسلم» (٩٣٩).
(٢) «البخاري» (١٢٥٦)، و «مسلم» (١٢٠٦).
(٣) «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٥٧).
(٤) «شرح فتح القدير» (٢/ ١٠٥).
(٥) «المجموع» (٥/ ١١٢).
(٦) «فتح الباري» (٣/ ١٢٦).

<<  <   >  >>