للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ففي هذه الأحاديث ما يدل على أنه لا يستحب مقدار معين في الغسل.

قال ابن عبد البر: أَجْمَعُوا على أَنَّ الْمَاءَ لَا يُكَالُ لِلْوُضُوءِ وَلَا لِلْغُسْلِ، مَنْ قَالَ مِنْهُمْ بِحَدِيثِ الْمُدِّ وَالصَّاعِ وَمَنْ قَالَ بِحَدِيثِ الْفَرَقِ - لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّهُ لَا يُكَالُ (الْمَاءُ) لِوُضُوءٍ وَلَا لِغُسْلٍ، لَا أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا، وَلَوْ كَانَتِ الْآثَارُ فِي ذَلِكَ عَلَى التَّحْدِيدِ الَّذِي لَا يُتَجَاوَزُ اسْتِحْبَابًا أَوْ وُجُوبًا مَا كَرِهُوا الْكَيْلَ بَلْ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَهُ اقْتِدَاءً وَتَأَسِّيًا بِرَسُولِ الله وَلَا يَكْرَهُونَهُ (١).

وقال ابن حجر: فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى اخْتِلَافِ الْحَالِ فِي ذَلِكَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَدَّرَ الْوُضُوءَ وَالْغُسْلَ بِمَا ذَكَرَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ، كَابْنِ شَعْبَانَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَكَذَا مَنْ قَالَ بِهِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ مَعَ مُخَالَفَتِهِمْ لَهُ فِي مِقْدَارِ الْمُدِّ وَالصَّاعِ (٢).

والراجح: أن مقدار الماء الذي يغتسل به ليس له حد معين، بل يختلف باختلاف الأشخاص وعلى حَسَب وجود الماء من عدمه، والإسراف نسبي، بل المراد إحكام الغسل مع عدم الإسراف في الماء، والله أعلم.

* * *


(١) «التمهيد» (٨/ ١٠٥).
(٢) «فتح الباري» شرح حديث (٢٠١).

<<  <   >  >>