للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

﴿قلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ١٦٢ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ١٦٣﴾ [الأنعام].

إنَّ المتأمل لما جاءت به الشريعة الغراء لَيَأْخُذْهُ العَجَبُ، ويشعر بالدهشة تملأ نفسه وتأثر قلبه، وتملك عليه جوارحه، فهي شريعة مبنية على رفع الحرج عن المكلفين، والتيسير على عموم المسلمين، فمن لم يجد الماء تيمم لعموم قوله تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾ [النساء: ٤٣].

وكذا في الشتاء القارص والبرد الحالك إذا لبس المرء الخفين أبيح له المسح عليهما، قال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: ١٨٥]. فالحمد لله الذي رضي لنا الإسلام دينا ومحمدًا نبينا ورسولًا.

وبما تقدَّم من أهمية الطهارة، ولتعلُّق أحكامها بالصحة والسقم، والحل والسفر، والشروق والغروب، والليل والنهار ولمدة زمانها، وما يعتري المسلم فيها من عوارضَ تحتاج إلى أحكام وأجوبة، ولتفريط كثير من المسلمين - من أسف - فى تحصيل فقه الطهارة، وقصورِهم عن معرفة أحكامها وسننها وآدابها؛ رَغِبتُ فى إعداد هذا الكتاب وتأليفِه، وتعنَّيت لتحبيره جهدي، مستلهمًا من المولى عزَّ شأنه التسديد والتوفيق، سائلًا إياه أن يكون للمسلمين والمسلمات دليلًا ونبراسًا، ولطالب العلم أصلًا وأساسًا.

على كف الندى أُهدي كتابي … وأُرخي في محبتكم ركابي

فإن كان الذي أهدي يسيرًا … ففيض الوُد أكمل في النِّصاب

وسميته «الجامع لأحكام الطهارة» وقد التزمت فيه ما صحَّ عن النبي العدنان G، مع ذكر بعض الأحاديث الضعيفة لبيان ضعفها أو للردِّ على من استدلَّ بها، وكذلك ذكرت الآثار عن الصحابة الأبرار والتابعين الأخيار، ثم ذكرت أقوال الأئمة المجتهدين، ورجَّحت ما يقتضي الدليل رُجحانَه (١).


(١) قال الإمام الشافعي: «أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة رسول الله لم يكن له أن يدعها لقول أحد»، وما يفعله بعض الناس من التعصب لجماعة أو لشيخ فهذا مخالف لهدي السلف ومخالف لما عليه أئمة المذاهب، فإنهم متفقون على ذم التقليد وذم التعصب، فالواجب على المسلم أن ينصر الدليل.

<<  <   >  >>