للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت: وهذا الإجماع منخرم فقد ذهب أبو حنيفة إلى أن جسد الجنب نجس (١).

واستدل لذلك بعموم قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ والطهارة لا تكون إلا من نجاسة إذ تطهير الطاهر لا يُعقل.

واعترض عليه: بأن تجديد الوضوء يطلق عليه طهارة مع أنه متطهر.

والراجح: ما ذهب إليه جماهير العلماء من أن جسد الجنب وعرقه طاهر، دل على ذلك ما ورد في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ وَأَنَا جُنُبٌ، فَأَخَذَ بِيَدِي، فَمَشَيْتُ مَعَهُ حَتَّى قَعَدَ، فَانْسَلَلْتُ، فَأَتَيْتُ الرَّحْلَ، فَاغْتَسَلْتُ، ثُمَّ جِئْتُ وَهُوَ قَاعِدٌ، فَقَالَ: «أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هِرٍّ؟» فَقُلْتُ لَهُ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللهِ يَا أَبَا هِرٍّ، إِنَّ المُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ» (٢). فدل هذا الحديث على أن بدن الجنب طاهر وكذلك الحائض جسدها طاهر، ولقد أجمع أهل العلم على طهارة جسد الحائض وتضافرت الأدلة على ذلك، والله أعلم.

* * *


(١) البناية (١/ ٣٥٠) حاشية ابن عابدين (١/ ٢٠١).
(٢) البخاري (٢٣٨) ومسلم (٣٧١).

<<  <   >  >>