للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الصحيحين: من حديث أَنَسِ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي طَائِفَةِ المَسْجِدِ، فَزَجَرَهُ النَّاسُ، فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ أَمَرَ النَّبِيُّ بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ (١).

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ».

فكل هذه الأحاديث وغيرها تدل على أن طهارة النجاسة لا تكون إلا بالماء.

القول الثاني: أن النجاسة تُزال بأي مزيل طاهر، وهو المشهور من مذهب الحنفية وهو قول ابن تيمية (٢).

واستدلوا بحديث سَلْمَانَ وفيه: أن النبي نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ (٣). فدل ذلك على إزالة النجاسة بالأحجار، وهذا فيه دلالة على أنه لا يتعين إزالة النجاسة بالماء.

وروى أحمد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ، فَخَلَعَ النَّاسُ نِعَالَهُمْ فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ: «لِمَ خَلَعْتُمْ نِعَالَكُمْ؟» فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله، رَأَيْنَاكَ خَلَعْتَ فَخَلَعْنَا، قَالَ: «إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ بِهِمَا خَبَثًا، فَإِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ، فَلْيَقْلِبْ نَعْلَهُ، فَلْيَنْظُرْ فِيهَا، فَإِنْ رَأَى بِهَا خَبَثًا فَلْيُمِسَّهُ بِالْأَرْضِ، ثُمَّ لِيُصَلِّ فِيهِمَا» (٤). فدل ذلك على تطهير النعلين بالتراب، وهذا دلالة على عدم تعين الماء في إزالة النجاسة.

وروى أحمد عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله إِنَّ لَنَا طَرِيقًا إِلَى الْمَسْجِدِ مُنْتِنَةً فَكَيْفَ نَصْنَعُ إِذَا مُطِرْنَا؟ قَالَ: «أَلَيْسَ بَعْدَهَا طَرِيقٌ هِيَ أَطْيَبُ مِنْهَا؟» قَالَتْ: قُلْتُ: بَلَى. قَالَ «فَهَذِهِ بِهَذِهِ» (٥).


(١) «البخاري» (٢١٩)، و «مسلم» (٢٨٤).
(٢) «بدائع الصنائع» (١/ ٨٣)، و «مجموع الفتاوى» (٢١/ ٦١٠، ٦١١).
(٣) «مسلم» (٢٦٢).
(٤) إسناده صحيح: أخرجه أحمد (٣/ ٢٠).
(٥) إسناده صحيح: أخرجه أحمد (٦/ ٤٣٥).

<<  <   >  >>