للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شاة أو بدنة لأنه الطهارة عندهم واجبة وليست بشرط. وهو مذهب الحنفية ورواية عن أحمد (١).

واستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٢٩)[الحج].

قال السرخسي: قال الله تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا﴾ وَهُوَ اسْمٌ لِلدَّوَرَانِ حَوْلَ الْبَيْتِ، وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ مِنْ الْمُحْدِثِ وَالطَّاهِرِ، فَاشْتِرَاطُ الطَّهَارَةِ فِيهِ يَكُونُ زِيَادَةً عَلَى النَّصِّ، وَمِثْلُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ لَا تَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَلَا بِالْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ الرُّكْنِيَّةَ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِالنَّصِّ فَأَمَّا الْوُجُوبُ فَيَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ الْعَمَلَ وَلَا يُوجِبَ عِلْمَ الْيَقِينِ، وَالرُّكْنِيَّةُ إنَّمَا تَثْبُتُ بِمَا يُوجِبُ عِلْمَ الْيَقِينِ، فَأَصْلُ الطَّوَافِ رُكْنٌ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ، وَالطَّهَارَةُ فِيهِ تَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فَيَكُونُ مُوجِبُ الْعَمَلِ دُونَ الْعِلْمِ فَلَمْ تَصِرْ الطَّهَارَةُ رُكْنًا، وَلَكِنَّهَا وَاجِبَةٌ، وَالدَّمُ يَقُومُ مَقَامَ الْوَاجِبَاتِ فِي بَابِ الْحَجِّ (٢).

واعترض عليه بأن خبر الواحد يوجب العلم ويعمل به، ولو قلنا بأن خبر الواحد لا يُقبل فإن كثير من أحكام الشريعة تضيع.

القول الثالث: أن المرأة إذا عجزت عن الطهارة صح طوافها. وهو قول ابن تيمية وابن القيم.

واستدلوا بعموم قوله: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: ١٦].

وفي الصحيحين عن أبي هريرة: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» (٣).

وروى البخاري: عَنْ عِمْرَانَ قَالَ: كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ عَنِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ» (٤).


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٢٩)، «الفروع» (٣/ ٥٠٢).
(٢) «المبسوط» (٤/ ٣٨).
(٣) «البخاري» (٧٢٨٨)، و «مسلم» (١٣٣٧).
(٤) «البخاري» (١١١٧).

<<  <   >  >>