للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتصلي، وهو مذهب الحنفية ووجه عند الشافعية وهو مذهب الحنابلة (١).

واستدلوا بما روت عَائِشَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ سَأَلَتِ النَّبِيَّ قَالَتْ: إِنِّي أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ: «لَا، إِنَّ ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَكِنْ دَعِي الصَّلَاةَ قَدْرَ الأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي».

وروى مسلم عَنْ عَائِشَةَ،: أن أَمَّ حَبِيبَةَ سَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ عَنِ الدَّمِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: رَأَيْتُ مِرْكَنَهَا مَلآنَ دَمًا. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ : «امْكُثِي قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي» (٢).

وجه الدلالة من هذين الحديثين أن المرأة المستحاضة تمكث قدر الأيام التي كانت تحيض فيها ثم تغتسل وتصلي، ولم تؤمر أن تميز دم الحيض من الاستحاضة.

القول الثاني: أن المرأة المستحاضة تعمل بالتمييز دون العادة.

قال الرملي: (وَيُحْكَمُ لِلْمُعْتَادَةِ) الْمُمَيِّزَةِ (بِالتَّمْيِيزِ لَا الْعَادَةِ) الْمُخَالِفَةِ لَهُ (فِي الْأَصَحِّ) (٣).

واستدل لهذا القول بعموم قول النبي : «إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي». قال الحافظ: فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ على أنَّ المرأةَ إِذَا مَيَّزَتْ دَمَ الْحَيْضِ مِنْ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ تَعْتَبِرُ دَمَ الْحَيْضِ وَتَعْمَلُ عَلَى إِقْبَالِهِ وَإِدْبَارِهِ، فَإِذَا انْقَضَى قَدْرُهُ اغْتَسَلَتْ عَنْهُ ثُمَّ صَارَ حُكْمُ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ حُكْمَ الْحَدَثِ (٤).

وقال ابن رجب: وأما قول النبي: «فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة» فقد اختلف العلماء في تأويله: فتأوله الأكثرون، منهم مالك والأوزاعي والشافعي وأحمد على أن المراد به اعتبار تميز الدم، وأن هذه المستحاضة كانَ دمها متميزًا، بعضه أسود وبعضه غير ذلك، فردَّها إلى زمن دم الحيض وهو الأسود الثخين، فإذا أقبل ذلك الدم تركت الصلاة، فإذا أدبر وجاء


(١) شرح فتح القدير (١/ ١٧٧) الحاوي (١/ ٤٠٤) كشاف القناع (١/ ٢٠٨).
(٢) مسلم (٣٣٤).
(٣) نهاية المحتاج (١/ ٣٤٥).
(٤) فتح الباري شرح حديث (٣٠٦).

<<  <   >  >>