للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكنني أرجو من الله عفوه … وإن لأهل العلم لا شك خادم

ولما آمل من ثواب ونجاة في اليوم المشهود لمن خدم هذا الدين، تجرأت على الشأن الكؤود، فأسأل الله أن يتقبله مني في اليوم الموعود.

رب تقبل عملي … ولا تخيب أملي

أصلِح أموري كلها … قبل حلول أجلي

ولم أدخر جهدًا في هذا البحث إلا بذلته في تحريره وتنقيحه وتقريره، ولا أدعي الكمال والتمام والعصمةَ من الزلل والخطأ والنسيان، فقد قيل: أبى الله أن يصح إلا كتابه. وقال الشافعي: «لقد ألفت هذه الكتب ولم آل جهدًا فيها، ولابد أن يوجد فيها الخطأ؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢)[النساء] فما وجدتم في كتبي هذه ما يخالف الكتاب والسنة فقد رجعت عنه، ولله در من قال:

كم من كتاب قد تصفحته … وقلت في نفسِ أصلحته

حتى إذا طالعته ثانيًا … وجدت تصحيفًا فصححته

وما أحسن ما قاله العماد الأصفهاني: «إني رأيت أنه لا يكتب إنسان كتابًا في يومه إلا قال في غده: لو غُيِّرَ هذا لكان أحسن، ولو زيد هذا لكان يستحسن، ولو قُدِّم هذا لكان أفضل، ولو تُرِك هذا لكان أجمل، وهذا من أعظم العِبَر، وهذا دليل استيلاء النقص على جملة البشر، فسبحان مَنْ تنزَّه عن النقص».

فمن وقف فيه على تقصير أو خلل، أو عثر فيه على تغيير أو زلل، فليعذر أخاه في ذلك متطولًا، أو ليصلح منه ما يحتاج إلى إصلاح متفضلًا، فالتقصير من الأوصاف البشرية، فليست الإحاطة بالعلم إلا لبارئ البرية، فهو الذي وسع كل شيء علمًا، وأحصى مخلوقاته عينًا واسمًا.

سطره لنفسه … قائله وجامعه

فليعف عن زلاته … ناقله وسامعه

فألتمس من النبلاء الأماجد تقويم ما اعوجَّ وندَّ، والتنبيه إلى ما ندَّ عنه القلم.

<<  <   >  >>