للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلوا بأن الحَمَام يسكن في المسجد الحرام من غير نكير مع أنه يبول، فهذا دليل على طهارته، إذ لو كان بوله نجسًا لأُخرج من المسجد خاصة، فقد أمر الله بتطهير المسجد الحرام بقوله: ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [البقرة: ١٢٥].

واستدلوا بما قاله ابن تيمية: فَإِنَّا نَتَيَقَّنُ أَنَّ الْأَرْضَ كَانَتْ تُزْرَعُ، وَنَتَيَقَّنُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَأْكُلُونَ ذَلِكَ الْحَبَّ وَيُقَرُّونَ عَلَى أَكْلِهِ، وَنَتَيَقَّنُ أَنَّ الْحُبَّ لَا يُدَاسُ إلَّا بِالدَّوَابِّ، وَنَتَيَقَّنُ أَنْ لَا بُدَّ أَنْ تَبُولَ عَلَى الْبَيْدَرِ الَّذِي يَبْقَى أَيَّامًا، وَهَذِهِ كُلُّهَا مُقَدِّمَاتٌ يَقِينِيَّةٌ (١).

القول الثاني: أن بول وروث الحيوان المأكول نجس، وهو مذهب الشافعية، وقول عند الحنابلة (٢).

واستدلوا لذلك بما ورد في الصحيحين من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿، عَنِ النَّبِيِّ ، أَنَّهُ مَرَّ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ، فَقَالَ: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ … »، فكلمة: «البول» تدل على نجاسة جميع الأبوال، فهنا «أل» تدل على الاستغراق، أي: عامة الأبوال.

واعترض: بأن المراد بالبول بول الآدمي، دل عليه السياق، و «أل» للعهد الذهني.

واستدلوا بما روى البخاري عن عَبْدِ اللهِ بن مسعود يَقُولُ: أَتَى النَّبِيُّ الغَائِطَ، فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، فَوَجَدْتُ حَجَرَيْنِ، وَالتَمَسْتُ الثَّالِثَ فَلَمْ أَجِدْهُ، فَأَخَذْتُ رَوْثَةً، فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَأَخَذَ الحَجَرَيْنِ، وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ، وَقَالَ: «هَذَا رِكْسٌ» (٣)، أي: نجس.


(١) «مجموع الفتاوى» (٢١/ ٥٨٤).
(٢) «المجموع» (٢/ ٥٤٧)، و «المستوعب» (١/ ٣١٥).
(٣) مدار هذا الحديث على أبي إسحاق فرواه عنه زهير، كما عند البخاري (١٥٦) قال: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: - لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَةَ ذَكَرَهُ - وَلَكِنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الله به، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ.
قلت: فتابع زهير يوسف عند البخاري معلقًا.=

<<  <   >  >>