قلت: وظاهر الحديث أنه لم يُعلِمه، ولم يَعلَم؛ لأنه لو عَلِم لبادر بالحضور والصلاة، لما عُرف عنه من محبته وتعظيمه فاطمة - رضي الله عنهما -، ... والعمدة في الباب: حديث عائشة - رضي الله عنها -، وهو واضح صريح، لا حاجة إلى التأويل، ولم يرد ما يخالفه بسند صحيح، فضلاً عن أن يكون مثله في القوة، والسبب في ذلك ما ورد في الحديث من قول عليٍّ حينما صالحَ أبا بكر - رضي الله عنهما - بعد وفاة فاطمة، وذكر أنه كان يجد في نفسه أنه استبدَّ بالأمر دونهم، ثم بايع أبا بكر، ففاطمة كانت مهاجرة أبا بكر حتى توفيت، ومعها زوجها علي - رضي الله عنهما -، وانظر ما سيأتي في الباب الثاني: الفصل الثالث: المبحث الأول. (١)
قال الصنعاني (ت ١١٨٢ هـ): (وعدم إيذان أبي بكر، يُحتمَل أنه لكون الدفن ليلاً، فكَرِهَ عليٌّ - عليه السلام - إيقاظَ أبي بكر من نومه، والإيذان ليس بواجب، بل قال بعض الصحابة: إنه يخاف أن يكون نعياً وهو منهي عنه، وقد دفن الصحابةُ بعضَ أصحابِه - صلى الله عليه وسلم - ليلاً ولم يؤذنوه، ولما أخبره بموته
(١) وانظر العلة المتنية في الحديث رقم (٧٠). وذكر الشيخ عبدالعزيز الراجحي في «منحة الملك الجليل شرح صحيح محمد بن إسماعيل ــ البخاري ـ» ـ ط. الثانية ـ (٧/ ٨٠٤) أن علياً لم يخبر أبا بكر؛ لأنه بقي في نفسه شئ.