وذكر الجاسر ـ أيضاً ـ (ص ١٦٥) في حديث عن مكان مَولد النبي - صلى الله عليه وسلم -: ... (أنه ليس هناك في الجاهلية مَن يعتني بحفظ الأمكنة، سيِّما مع عدم تعلُّق غرضٍ لهم بذلك، وبعدَ مجئ الإسلام؛ فقد عُلِمَ من حال الصحابة وتابعيهم ضعف اعتنائهم بالتقييد بالأماكن التي لم يتعلَّق بها عَملٌ شَرعيٌّ، لِصَرف اعتنائهم - رضي الله عنهم - لما هو أهمُّ من حفظ الشريعة، والذبِّ عنها بالسنان واللسان، وكان ذلك هو السبب في خفاءِ كثيرٍ من الآثار الواقعة في الإسلام من: مساجدِه - عليه السلام -، ومواضعِ غزواتِه، ومَدفنِ كثيرٍ من أصحابه، مع وقوع ذلك في المشاهد الجليلة، فما بالكَ بما وقع في الجاهلية، لا سيما ما لايكاد يحضرُه أحدٌ إلا مَن وقعَ له، كمَولِد علي، ومَولِدِ عُمَر، ومَولِدِ فاطمة ـ رضي اللَّه عن جميعهم ـ .... ). ونقل الجاسرُ (ص ١٦٩) قولَ الفاسي، وابنَ ظهيرة السابقَين، ثم قال: (وفي عصرنا ـ بل قبلَه بنحو ستة قرون ـ عُرِف قبرُ أم المؤمنين خديجة - رضي الله عنها - معرفةً قائمةً على أساسٍ من الجهل، إنْ صحَّ أنَّ للجهل أساساً، فشُيِّدَتْ قُبَّةٌ عَظِيمةٌ تحمل ذلك الاسم الطاهر، ثم أُقِيمَ بجِوَارِ تلك القبَّةِ في أول القرن الحادي عشر قُبَّتان تحمِل إحداهما اسمَ ... «عبدالمطلب»، وتُعرف الأخرى باسم قبة «أبي طالب» ... ثم بين العلامة الجاسر - رحمه الله - بطلان ذلك كلِّهِ، وأنَّ قبرَ خديجة كان مجهولاً لدى مُؤرِّخِي مكة حتى القرن الثامن الهجري ـ أي طيلة سبعة قرون بل تزيد ـ، ثم أصبحَ معروفاً محدَّدَ المكان في القرون الخمسة الماضية حتى يومنا هذا، بعد أن رأى أحدُ العارفين ... ـ في المنام ـ كأن نوراً ينبعث من شعبة النور، في مقبرة المعلاة، ولما عَلِمَ أمير مكة في ذلك =