للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورد عن هشام بن عروة، عن أبيه (ت ٩٤ هـ) أنه قال: (ما أحبُّ أنْ أُدفَن بالبقيع؛ لَأَنْ أُدفنَ في غيرِه أحبُّ إليَّ مِن أنْ أُدفنَ فيه؛ إنما هو أحدُ رجلين: إما ظالمٌ، فلا أحبُّ أنْ أدفنَ معه، وإمَّا صالحٌ فلا أحبُّ أن تُنْبَش لي عظامُه). (١)


(١) رواه مالك في «الموطأ» ـ رواية يحيى ـ رقم (٩٨٤)، ورواية أبي مصعب (١٠٠١) عن هشام، به.
وعن مالك رواه: الشافعي في «الأم» (٢/ ٦٣٠) رقم (٧٠٨) ومن طريق الشافعي: البيهقي في «السنن الكبرى» (٤/ ٥٨)، وفي «معرفة السنن والآثار» (٥/ ٣٣٤) رقم ... (٧٧٥١).
ومن طريق أبي مصعب عن مالك: رواه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٤٠/ ٢٨٣).
ورواه عبدالرزاق في «مصنفه» (٣/ ٥٧٩) رقم (٦٧٣٥) عن ابن جريج، عن هشام، به.
قال ابن عبدالبر في «الاستذكار» (٨/ ٢٩٥): (وقد بين عروة - رحمه الله - وجه كراهته الدفن بالبقيع، وظاهر خبره هذا أنه لم يكره نبش عظام الظالم، وليس المعنى كذلك؛ لأن عظم المؤمن يكره من كسره ميتاً ما يكره منه وهو حيٌّ، وفي خبر عروة هذا دليل على أن الناس بظلمهم يعذبون في قبورهم، واللَّه أعلم. ولذلك استحبوا الجار الصالح في المحيا والممات.
وعروة - رحمه الله - ابتنى قصره بالعقيق، وخرج من المدينة لما رأى من تغير أحوال أهلها، ومات هناك - رحمه الله - وخبرُه هذا عجيب، قد ذكرناه من طرق في آخر كتاب «جامع بيان العلم وفضله»).

قال الباجي (ت ٤٧٤ هـ) في «المنتقى شرح الموطأ» (٢/ ٢٣): (كَرِهَ عروة الدفن بالبقيع لا لكراهية البقعة، وإنما ذلك؛ لأنه لم يكن بقي فيه مَوضع إلا قد دفن فيه فكره الدفن به لهذا المعنى؛ لأنه لا بد أن تنبش له عظام من دفن في ذلك الموضع قبله، فإن كان ظالماً، كَرِهَ مجاورته، وإن كان صالحاً، كَرِهَ أن يُنبَشْ له؛ لأنه يعظم نبش عظام الصالح من أجله لحرمته وصلاحه، وأن يكون للظالم حرمة أيضاً، إلا أن كراهيته لمجاورته أعظم، فلذلك علَّق الكراهية لمجاورته، ولا تكره مجاورة الرجل الصالح، فلذلك لم يكره إلا نبش عظامه له).

<<  <  ج: ص:  >  >>