مصنَّفاتٍ لَيس فيها عن رسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ولا عَن خُلَفَائِهِ الراشِدِينَ ولا عَن أصحَابِهِ حَرْفٌ واحِدٌ مِن ذلك!
بلى؛ فيها مِن خلاف ذلك كثير، كما قدمناهُ من الأحاديثِ المرفوعة ....
إلى أن قال - رحمه الله -:
فلو كان الدعاءُ عند القُبور، والصلاةُ عندها، والتبرُّكُ بها فَضِيلَةً أو سُنَّةً أو مُبَاحَاً، لَنَصَبَ المهاجِرُونَ والأنصَارُ هذا القبرَ عَلَمَاً لِذلك، ودَعَوا عنده، وسَنُّوا ذلك لمن بَعدَهم، ولكن كانوا أعلمَ باللَّهِ ورسُولِهِ ودِينِهِ مِن الخُلُوفِ التي خَلَفَتْ بعدَهُم.
وكذلك التابعون لهم بإحسَانٍ، راحُوا على هذا السبيل، وقد كان عِندَهُم مِن قُبُورِ أصحَابِ رسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بالأمصَارِ عَدَدٌ كَثير، وهم مُتوَافِرُونَ، فما مِنْهُم مَن استغاثَ عندَ قَبْرِ صاحِبٍ، ولا دعَاهُ، ولا دعَا بِهِ، ولا دعَا عندَهُ، ولا استسقَى بِه، ولا استنْصَرَ بِه، ومِن المعلومِ أنَّ مِثلَ هذا مما تتوفَّرُ الهِمَمُ والدَّوَاعِي عَلى نَقْلِه، بَل عَلى نَقْلِ ما هُو دُونَه.
وحينئذٍ فلا يخلُو: إمَّا أنْ يكونَ الدعاءُ عندَها، والدعاءُ بأربابها أفضلَ منه في غير تلك البقعة، أولا يكون:
فإنْ كانَ أفضلَ، فكيفَ خَفِيَ عِلْمَاً وعمَلَاً عَلى الصحابة والتابعين وتابعيهم؟ ! فتكونُ القرونُ الثلاثةُ الفَاضِلَةُ جَاهِلَةً بهذا الفضل العظيم، وتظفَرَ به الخُلوف عِلْمَاً وعَمَلاً؟