للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البناءُ، وسُرِجَت عليه الشموعُ، وفُرِشَ بالفراش الفاخر، وأُرْخِيَت عليه الستورُ، وأُلْقِيَت عليه الأورادُ والزهور، فيعتقد أنَّ ذلك لِنَفعٍ أو لدفع ضُرٍّ، ويأتيه السَّدَنة يَكذِبُون على الميِّت بأنَّه فعلَ وفَعَلَ، وأنزل بفلانٍ الضَّرَرَ، وبفُلانٍ النَّفْعَ، حتَّى يَغرسُوا في جِبلَّتِه كُلَّ بَاطل، ولهذا الأمْرِ ثَبَتَ في الأحاديث النبوية اللَّعنُ على مَن أَسْرَجَ على القبور، وكتَبَ عليها، وبَنَى عليها، وأحاديثُ ذلك واسعةٌ معروفَةٌ، فإنَّ ذلك في نفسِهِ مَنهِيٌّ عنه، ثم هو ذريعةٌ إلى مَفسَدَةٍ عَظِيمَةٍ.

فإنْ قلتَ: هذا قبرُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قد عُمِّرت عليه قُبَّة عظيمةٌ أُنفقت فيها الأموال؟ !

قلتُ: هذا جهلٌ عظيم بحقيقة الحال، فإنَّ هذه القُبَّة ليس بناؤها منه - صلى الله عليه وسلم -، ولا مِن أصحابه، ولا مِن تابعيهم، ولا تابعي التابعين، ولا مِن علماء أمَّتِهِ، وأئمَّةِ مِلَّتِه، بل هذه القُبَّةُ المعمُولَةُ على قبرِهِ - صلى الله عليه وسلم - مِن أبنية بعض مُلوك مصر المتأخرين (١)، وهو قَلاوُون الصالحي المعروف بالملك المنصور، في سنة ثمان وسبعين وستمئة، ذكره في «تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة» (٢)، فهذه أمورٌ دولية لا دليلية، يتبع ...


(١) وانظر للاستزادة كتاب: «الجواب عن شبهة الاستدلال بالقبر النبوي على جواز اتخاذ القبور مساجد» د. صالح بن عبدالعزيز سندي.
(٢) للمراغي (ت ٨١٦ هـ)، وهو مطبوع، وانظر: «بهجة النفوس والأسرار» لعفيف المرجاني (ت بعد ٧٧٠ هـ) (٢/ ٨٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>