(٢) قال ابن حجر في «فتح الباري» (٥/ ٢٢٩): (قال المهلب وغيره: كرِه النبي - صلى الله عليه وسلم - لابنته ما كَرِهَ لنفسه من تعجيل الطيبات في الدنيا، لا أنَّ ستر الباب حرام، وهو نظير قوله لها لما سألته خادماً: ألا أدلُّكِ على خيرٍ من ذلك، فعلَّمَهَا الذِّكْرَ عند النوم).
وقال ابن رجب الحنبلي في «فتح الباري» (٢/ ٤٢٧) بعد إيراده هذا الحديث وأمثاله، قال: (وهذا إنما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله امتثالاً لما أمره اللَّهُ به؛ أن لا يمُدَّ عينيه إلى زهرة الحياة الدنيا، فكان يتباعد عنها بكل وجه، ولهذا قال: «مالي وللدنيا، إنما مثلي ومثل الدنيا كراكب قال في ظل شجرة، ثم راح وتركها». فكان حالُه كلُّه في مأكله ومشربه ولباسه ومساكنه حالَ مسافر، يقنع في مدة سفره بمثل زاد الراكب من الدنيا، ولا يلتفت إلى فضولها الملهية الشاغلة عن الآخرة، وخصوصاً في حال عباداته ومناجاته لله، ووقوفه بين يديه واشتغاله بذكره، فإن ذلك كان هو قرة عينه. فكان يحذر من تلمُّحِ شيءٍ من متاع الحياة الدنيا وزينتها الفانية في تلك الحال؛ فإنه يكدر ذلك الصفاء، فلذلك كان تباعدُه عنه غايةَ المباعدة. وهذا هو المعنى المشار إليه بقوله: «فإنه لا يزال تصاويره تعرض في صلاتي»).