فإنَّ إرادةَ اللَّه في هذه الآيات مُتضمِّنَةٌ لمحبةِ اللَّه لذلك المراد ورضاه به، وأنه شرعه للمؤمنين وأمرهم به، ليس في ذلك أنه خلق هذا المراد، ولا أنه قضاه وقدَّرَه، ولا أنه يكون لا محالة. والدليل على ذلك أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بعد نزول هذه الآية قال:«اللَّهم هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرِّجْسَ وطهِّرْهُم تطهيراً». فطَلَبَ من اللَّهِ لهم إذهاب الرجس والتطهير، فلو كانت الآية تتضمن إخبارَ اللَّه بأنه قد أذهَبَ عنهم الرجس وطهَّرَهُم، لم يحتج إلى الطلب والدعاء؛ وهذا على قول القدرية أظهر، فإنَّ إرادةَ اللَّهِ عندهم لا تتضمنُ وجودَ المراد، بل قد يريد ما لا يكون، ويكون ما لا يريد، فليس في كونه تعالى مريداً لذلك ما يدل على وقوعه.
وهذا الرافضي وأمثالُه قدريَّةٌ، فكيف يحتجون بقوله:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ}(الأحزاب، آية ٣٣) على وقُوع المراد؟ ! وعندهم أنَّ اللَّهَ قد أراد إيمان مَنْ عَلى وجه الأرض فلم يقع مراده؟
وأما على قول أهلِ الإثبات، فالتحقيق في ذلك أنَّ الإرادةَ في كتاب اللَّه نوعان: