الآية يقتضي أنه يُريدُ ليذهب عنهم الرِّجْسَ ــ الذي هو الخُبْثُ كالفواحش ــ ويُطهِّرَهُم تطهيراً من الفواحش، وغيرِها من الذنوب.
والتطهيرُ من الذَّنْبِ على وجهين: كما في قوله: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} ... (سورة المدثر، آية ٤)، وقولِه:{إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ}(سورة الأعراف، آية ٨٢)، فإنه قال فيها:{مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} ... (سورة الأحزاب، آية ٣٠)
والتطهيرُ عن الذنب: إمَّا بأن لا يفعله العبد، وإما بأن يتوب منه، كما في قوله:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}) سورة التوبة، آية ١٠٣) لكِنْ ما أمرَ اللَّه به من الطهارة ابتداءً وإرادةً، فإنَّه يتضمن نهيَهُ عن الفاحشة، لا يتَضمَّنُ الإذنَ فيها بحال، لكنْ هُو سبحانَه ينهَى عنها، ويأمرُ مَنْ فعَلَها بأن يتوب منها.
وفي «الصحيح» عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول:«اللَّهم باعِدْ بينِي وبينَ خطايَايَ كما باعدَتْ بينَ المشرق والمغرب، واغسِلْنِي بالثلج والبرَد والماءَ البارِد، اللَّهم نقِّنِي من الخطايا كما يُنقَّى الثوبُ الأبيضُ من الدَّنَس».
وفي «الصحيحين» أنه قال لعائشة - رضي الله عنها - في قصة الإفْكِ قَبلَ أن يعْلَمَ النبيُّ براءَتَهَا، وكان قَدْ ارتَابَ في أمْرِهَا، فقال: «يا عائشةُ، إنْ كنتِ بريئةً فسيُبَرئِكِ اللَّه، وإن كُنتِ ألمَمْتِ بذَنب فاستغفري اللَّه وتُوبي إليه، فإنَّ العبدَ