فدُعَاءِ النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يطهِّرَهُم تطهيراً، كدُعائِهِ بأنْ يزَكِّيْهِم ويُطيِّبَهُمْ ويجعلَهم متَّقِين، ونحو ذلك.
ومعلومٌ أنَّ مَنْ استقَرَّ أمرُه على ذلك، فهو داخلٌ في هذا، لا تكون الطهارة التي دعا بها بأعظَمَ مما دعَا بِهِ لِنفسِه. وقد قال:«اللَّهم طهِّرْنِي من خطاياي بالثلج، والبَرَد، والماء البارد».
فمَن وقع ذنبه مغفوراً أو مُكفَّرَاً؛ فقدْ طهَّرَهُ اللَّهُ منه تطهِيرَاً، ولكن مَنْ مات متوسِّخَاً بذنوبه، فإنه لم يُطهَّر منها في حياته، وقد يكون من تمَام تطهيرِهِمْ صيانتُهُم عن الصدَّقَةِ التي هِيَ أوسَاخُ الناس.
والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا دعا بدعاءِ؛ أجابَهُ اللَّهُ بحسَبِ استعدَادِ المحَلِّ، فإذا استغفَرَ للمؤمنين والمؤمنات، لم يَلزَم أنْ لا يُوجَدَ مؤمنٌ مُذْنِبٌ، فإنَّ هذا لو كان واقعاً لما عُذِّبَ مُؤمن، لا في الدنيا ولا في الآخرة، بلْ يغفرُ اللَّهُ لهذا بالتوبة، ولهذا بالحسناتِ الماحِيَةِ، ويغفِرُ اللَّهُ لهذا ذنوبَاً كثيرة، وإنْ واحِدَةً بأُخْرَى.
وبالجُمْلَةِ فالتطهير الذي أرادَهُ اللَّهُ، والذي دعا به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ليس هو العِصْمَةُ بالاتِّفَاقِ، فإنَّ أهلَ السُّنَّةِ عندَهم لا مَعصُومَ إلا النبي - صلى الله عليه وسلم -.