والإنسانُ لا يُسمَّى معتَبِرَاً إذا اعتبرَ في قِصَّةٍ وتَرَكَ ذلِكَ في نَظِيْرِهَا، وكذلك لا يقال: هُو طَاهِرٌ، أو مُتطَهِّرٌ، أو مُطهَّرٌ، إذا كان متطهِّرَاً من شيءٍ مُتنَجِّسَاً بنظِيرِهِ.
ولفظُ «الطاهِر» كلفظ الطيِّب، قال تعالى:{ ... وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ}(سورة النور، آية ٢٦)، كما قال:{الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ}(سورة النور، آية ٢٦) وقد رُوِيَ أنه قال لعمَّار: «ائذَنُوا له، مَرحبَاً بالطيِّب المطيَّبِ».
وهذا أيضاً كلفظ «المتَّقِي»، ولفظُ «المزكِّي». قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} (سورة الشمس، آية ٩ ـ ١٠). وقال:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}) سورة التوبة، آية ١٠٣). وقال:{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى}) سورة الأعلى، آية ١٠٤). وقال:{وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ}) سورة النور، آية ٢١) وليسَ من شرطِ المتقين ونحوِهم أن لا يقَعَ منهم ذَنْبٌ، ولا أن يكونوا معصومِين مِنَ الخطأ والذنوب؛ فإنَّ هذا لو كان كذلك، لم يكُن في الأمَّة مُتَّقٍ، بَلْ مَن تابَ من ذنوبه دخَلَ في المتقين، ومَنْ فعَلَ مَا يكفِّرُ سيئاتِهِ دخَلَ في المتقين، كما قال: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ