النساء - عليها السلام - ما سألَتْ أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - إلا ما ظنَّتْ أنه حقٌّ واجِبٌ، مع عِلْمِها بموضِعِ أبي بكر - رضي الله عنه - مِن رسولِ اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، ومِن الإسلام، ومِن الأمان الذي ائتمنه اللَّهُ - عز وجل - على الدِّين والإسلام، وكان عندَها أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يُورَث، ولم تكن سمِعَت مِن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في ذلك شيئاً.
ولم يجئ إليها أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - إلا وهو عارفٌ بفضلها وقدرها عند اللَّه - عز وجل -؛ فأعطيت فاطمة - عليها السلام - خصلةً لا يشاركها في القدر، ولا في النسب، ولا المرتبة، ولا العِزِّ، ولا الشرَفِ، من الأولين والآخرين أحد، وهو: أنَّ اللَّهَ - عز وجل - اختار رجلين من الخلق لها: أحدهما: أباها وهو النبي - صلى الله عليه وسلم -، والآخر: زوجها وهو علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
ومات النبي - صلى الله عليه وسلم - وليس على الأرض أعرف بقدرها من أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، فجاء إليها، فقال لها: .... ثم ذكر حديث مراضاتها وهو السابق برقم (٩٨). (١)
قال القاضي عياض المالكي (ت ٥٤٤ هـ) - رحمه الله -: (وقد تأول قوله: إن طلب فاطمة - رضي الله عنها - ميراثها من رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، يحتمل أنها تأولت الحديث إن كان بلغها فيما له بال ويختص بالأصول من الأموال، فهي
(١) «جامع الآثار» لابن ناصر الدين الدمشقي (٧/ ٣٦٠ ـ ٣٦١).