قال ابن تيمية (ت ٧٢٨ هـ) - رحمه الله -: (كونُ النبي - صلى الله عليه وسلم - ... لا يُورَثُ، ثَبَتَ بِالسُّنَّة المقطوعِ بها، وبإجماعِ الصحابةِ، وكل منهما دليل قطعي، فلا يعارض ذلك بما يظن أنه عموم، وإن كان عموماً فهو مخصوص؛ لأن ذلك لو كان دليلاً، لما كانَ إلا ظنِّيَّاً، فلا يُعارِض القطعيَّ؛ إذْ الظنيُّ لا يُعارِضُ القَطْعِيَّ.
وذلك أنَّ هذا الخبرَ رواه غيرُ واحِدٍ من الصحابة في أوقاتٍ ومجالِسَ، وليسَ فيهم مَنْ يُنْكِرُهُ، بل كلُّهم تلقَّاهُ بالقبول والتصديق.
ولهذا لم يُصِرَّ أحدٌ مِن أزواجِه على طلبِ الميراث، ولا أصَرَّ العَمُّ عَلى طلبِ الميراث، بلْ مَنْ طلَبَ مِنْ ذلك شيئاً، فأُخْبرَ بقولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ رجَعَ عن طلَبِهِ.
واستمَرَّ الأمرُ عَلَى ذلك على عَهدِ الخلفاءِ الراشدين إلى عَلِيٍّ، فلَمْ يُغَيِّرْ شيئَاً مِن ذلكَ، وقسَّم له تَرِكَةً). (١)
قال ابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢ هـ) - رحمه الله -: (وأما سبب غضبها مع احتجاج أبي بكر بالحديث المذكور، فلاعتقادها تأويل الحديث على خلاف ما تمسَّك به أبو بكر، وكأنها اعتقدَتْ تخصيص العموم في قوله:«لا نورث»، ورأت أن منافع ما خلَّفه من أرض وعقار لا يمتنع أن تورث عنه، وتمسَّك ...
(١) «منهاج السنة النبوية» لشيخ الإسلام ابن تيمية (٤/ ٢٢٠).