وعليٌّ - رضي الله عنه - كان قصدُه أن يتزوج عليها، فله في أذاها غرض (١)، بخلاف أبي بكر.
فعُلم أن أبا بكر كان أبعد أن يذم بأذاها من علي، وأنه إنما قصد ... طاعة اللَّهِ ورسولِه بما لا حظ له فيه، بخلاف علي؛ فإنه كان له حظ فيما رابها به.
وأبو بكر كان من جنس من هاجر إلى اللَّهِ ورسولِه، وهذا لا يشبه من كان مقصوده امرأة يتزوجها.
والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يؤذيه ما يؤذي فاطمة إذا لم يعارض ذلك ... أمرَ اللَّه تعالى، فإذا أمر اللَّهُ تعالى بشيء فعلَه، وإنْ تأذَّى مَن تأذَّى من أهلِه وغيرهم، وهو في حال طاعته للهِ يؤذيه ما يعارض طاعةَ اللَّهِ ورسولِه. وهذا الإطلاق كقوله:«مَن أطاعني فقد أطاع اللَّه، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصاني فقد عصى اللَّه، ومن عصى أميري فقد عصاني»، ثم قد بيَّنَ ذلك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الطاعةُ في المعروف».
فإذا كانت طاعة أمرائه أطلقها ومراده بها الطاعة في المعروف، فقوله: ... «مَن آذاها فقد آذاني» يُحمَل على الأذى في المعروف بطريق الأولى والأحرى؛
(١) أي غرضٌ لنفسِه بالزواج، ويترتب عليه أذى فاطمة، ولم يكن قصدُ عليٍّ أذاها؛ وأبو بكر لم يكن منعه لغرضِ نفسِه.