وأما فِعْلُ ما يؤذي فاطمة فليس هو بمنزلة معصية أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإلا لَزِمَ أن يكون عليٌ قد فعلَ ما هو أعظم مِن معصية اللَّهِ ورسولِه، فإن معصية أمرائه معصيتُه، ومعصيتَه معصيةُ اللَّهِ.
ثم إذا عارَض مُعارِض وقال: أبو بكر وعمر ولِيَا الأمرَ، واللَّهُ قد أمرَ بطاعة أولي الأمر، وطاعةُ ولي الأمر طاعةً للهِ، ومعصيتُه معصيةً للهِ، فمَن سخِطَ أمرَه وحُكمَه فقد سخِطَ أمرَ اللَّهِ وحكمَه.
ثم أخذ يُشَنِّع على عليٍّ وفاطمة - رضي الله عنهما - بأنهما ردَّا أمرَ اللَّهِ، وسخِطَا حكمَه، وكرِهَا ما أرضى اللَّهَ؛ لأنَّ اللَّهَ يُرضيه طاعتُه وطاعةُ ولي الأمر، فمَن كَرِه طاعةَ ولي الأمر فقد كرِهَ رضوانَ اللَّهِ، واللَّهُ يسخط لمعصيتِه، ومعصيةُ وليِّ الأمرِ معصيتَه، فمَن اتَّبَعَ معصيةَ ولي الأمر فقد اتبع ما أسخط اللَّهَ وكَرِهَ رِضوَانَه. وهذا التشنيعُ ونحوُه على عليٍّ وفاطمة - رضي الله عنهما - أوجُهٌ من تشنيع الرافضة على أبي بكر وعمر؛ وذلك لأنَّ النصوص الواردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في طاعة ولاة الأمور، ولزوم الجماعة، والصبر على ذلك مشهورة كثيرة.
بل لو قال قائل: إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمرَ بطاعة ولاة الأمور وإنْ استأثَروا، والصبرِ على جَورِهِم، وقال:«إنكم ستلقون بعدي أَثَرَة، فاصبِرُوا حتى تلقوني على الحوض».